بعضهم: لا تمنعوا أفعال الخير بأيمان تعدونها على أنفسكم. وأدخل القاضي: عهد الله وميثاقه وكفالته وأمانته في صفة الذات، وفي ذلك بحث، لأن العهد المشار إليه إن كان المراد منه عهده الذي أخذه على نفسه لخلقه، أو على خلقه له، فالأول راجع إلى صفة الذات يدل عليه قوله تعالى: {كتب ربكم على نفسه الرحمة} [الأنعام: 54] فهذا عهد الله على نفسه لخلقه وهذا من صفات الذات الراجعة إلى العلم القديم الكاشف لأنواع الرحمات التي خص بها خلقه، ويجوز أن يرجع إلى صفة الأفعال فيكون عبارة عن تفسير الرحمة وهي من صفات الأفعال يدل عليه قوله -عليه السلام-: (إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة).

والأظهر في الميثاق، والكفالة، أنهما من صفات الأفعال، لأن معنى الميثاق والتوثيق المأخوذ على اليقين، فيعطى زيادة تحقيق من العهد تمكينًا لأمره، وكذلك الكفالة، والأمانة فهي فعل من أفعال خلقه خلقها سبحانه فيها، أو خلقها فعرضها عليهم، فأدخل ذلك في صفة الذات، بحث تأمله.

وقد روى عن أشهب أنه كره اليمين بأمانة الله، قال: لأن لها مصرفين فقد يراد بها الأمانة التي هي صفات الله، وقد يراد الصفة الجارية في خلقه، وكذلك أدخل القاضي أيضًا عزة الله في صفات ذاته، وجعلها كالعلم والقدرة والكلام وذلك فيه نظر، لأن لفظ العزة قد يراد بها العزة المضافة إلى الخلق التي جعلها سبحانه فيهم عمومًا، وفي المؤمنين خصوصًا قال تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [التغابن: 8] وإذا أراد به العزة المضافة إلى الله تعالى فهي راجعة إلى نفسه، لأن معنى اسمه "العزيز" أنه الذي لا يغلب في أحكامه، ولا مانع في سابق قضائه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015