قضائه أبرأ للذمة، وأحوط للواجب، فإن أخر قضاءه إلى دخول رمضان المقبل اشتغل بصوم الداخل، وكان عليه قضاء من الخارج بعد، والفدية، فإن صام الداخل قضاء على الخارج ففيه ثلاثة أقوال في المذهب، فقيل: لا يجزئه عن واحد منهما، وعليه قضاء شهرين فلا يجزئه عن الداخل لأنه لم ينوه، ولا يجزئه عن الخارج لأن زمانه معين للداخل، وهي رواية عن ابن القاسم وأشهب، وقال ابن القاسم: يجزئه عن الخارج، وعليه قضاء الداخل لقوله -عليه السلام -: (وإنما لامرئ ما نوى) وقيل: يجزئه عن الداخل، وعليه الخارج والفدية، لأن الزمان متعين للداخل، وإنما يجب عليه الفدية مع القضاء، إذا أخر القضاء بغير عذر، فإن كان معذورًا في بعض المدة دون بعض أطعم في الأيام التي لا عذر له فيها، وقيل: عند وجود العذر. والإطعام مد لكل مسكين بالمد الأصغر من غالب القوت. وأما إذا أفطر في أيام الصوم المعين فلا يخلو أن يكون لعذر أو لغير عذر، فإن كان لعذر، فلا قضاء عليه وإلا فعليه. وفسر الأعذار بالمرض والإكراه، والإغماء، والسهو، والحيض، وخطأ الوقت والأمر في ذلك بين.
واختلف الفقهاء في صيام التطوع على ثلاثة مذاهب: فقال الشافعي: الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء لم يصم. وقال أبو حنيفة: عليه القضاء مطلقًا سواء أفطر لعذر، أو لغير عذر، وقال مالكك: إن أفطر فيه لعذر فلا قضاء عليه، وإلا فالقضاء عليه، واعتمد الشافعي على حديث عائشة قالت: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يصبح صائمًا فقلت له: أنا صانع