(بعثته) إلى معاوية بالشام قال: ((فرأيت الهلال يوم الجمعة، ثم قدمت المدينة من آخر لشهر فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم؟ قلت: رأيته يوم الجمعة، قال: أنت رأيته؟ قلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، قال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزل نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه؟ فقال: لا يكتفي برؤية معاوية، فقال: [لا] هكذا أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وهذا الحديث الثابت الصحيح نص في أن لكل بلد رؤيته قرب أو بعد. وإنما عول أحمد والشافعي ومالك في رواية المصريين عنه على أن البلاد إذا لم تختلف مطالعها كل الاختلاف فهي كالأفق الواحد والله أعلم. وأما الرؤية الخاصة فهي من باب الشهادات، فيشترط فيها العدالة، والإسلام، والحرية، والذكورية. فلا يخلو أن يشهد العدلات برؤية الهلال في يوم صحو (أو يوم غيم، فإن كان في يوم غيم فتقبل شهادتهما، وإن كان في يوم صحو) والبلد كثير فهل تقبل شهادتهما أم لا؟ فيه قولان، المشهورقبول شهادتهما اعتبارًا بعدالتهما والشاذ أن شهادتهما غير مقبولة. قال سحنون: هؤلاء شهود، سوء، إشارة إلى أن الإفراد من اتفاق الموانع مظنة للتهمة سيما إذا كان القطر نحو صورة واحدة.
قوله: ((والجنس والعدد مستحقان فيه)): يريد جنس الرجال وعددهم، وذلك اثنان فصاعدًا.
قوله: ((ولا يقبل (في ذلك) النساء)) وهذا لا خلاف فيه عندنا.