قوله: "والعمرى جائزة": وهي تمليك المنفعة دون الرقبة عندنا. وقال الشافعي: هي تمليك الرقبة، وثمرة الخلاف إذا مات المعمر فعندنا أنها تعود إلى مالكها المعمر أو إلى ورثته. وعند الشافعي أن المعمر قد ملك بالاعتمار رقبتها فتعود إلى ورثته بعد موته، ولا تعود إلى المعمر ولا إلى ورثته بحال. والحجة له قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أيما رجل أعمر عمرة فهي له ولعقبه ولا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث، واعتمد مالك -رحمه الله- على أن مقتضى الإعمار تمليك لمنفعة مدة العمر فهو كالإسكان، وذلك لا يقتضي تمليك الرقبة، لأن تمليك الرقبة يقتضي التأبيد، والعمرة تقتضي اشتراط العمر، لأنه لو قال: ملكتك الرقبة حياتك لم تملك الرقبة بذلك، وكذلك الإسكان تمليك الانتفاع بالمسكن تمليكًا مخصوصًا فهو الذي يسميه فقهاء الأندلس إمتاعًا. ويفرقون بينه وبين العمري، فإن العمري الانتفاع في جمع العمر والانتفاع هو تمليك المنفعة مدة محصورة وتفتقر العمري إلى الحوز كالهبة، وتجوز للمعمر شراء عمراه قياسًا على العرية، ولا يجوز لغيره ذلك، وللمعمر كراؤها سنتين لا زيادة، وقيل: أربعة أعوام كالأحباس، ويجوز لورثه المعمر شراؤها من المعمر، كما كان ذلك لأبيهم، فإن كانت العمرى معقبة فهي كالحبس لا يجوز فيها ابتياع، وإذا أجزنا للمعمر ابتياع عمراه جاز ابتياع ذلك بالعين والعرض والطعام نقدًا أو أجل، ومنعه بعض فقهاء الأندلس بالنسيئة وكأنه رآه من باب الدين بالدين، ولعله مخرج