وهذه عدواة بين يدي العداوة الكبرى التي قال الله تعالى فيها {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} وسنذكر إن شاء الله تعالى من ظفر بمحبوبه وترك قضاء وطره منه رغبة في بقاء محبته وخشية أن تنقلب قلى وبغضا في الباب الموعود به فإن ذلك أليق به وأما الجماع المباح فإنه يزيد الحب إذا صادف مراد المحب فإنه إذا ذاق لذته وطعمه أوجب له ذلك رغبة أخرى لم تكن حاصلة قبل الذوق ولهذا لا يكاد البكران يصبر أحدهما عن الآخر هذا ما لم يعرض للحب ما يفسده ويوجب نقله إلى غير المحبوب وأما ما احتج به الآخرون فجوابه أن الشهوة والإرادة لم تطفأ نارها بالكلية بل فترت شهوة ذلك الوقت ثم تعود أمثالها وإنما يظهر هذا إذا غاب أحدهما عن حبيبه وإلا فما دام بمرأى منه وهو قادر عليه متى أحب فإن النفس تسكن بذلك وتطمئن به وهذا حال كل من كان بحضرته ما يحتاج إليه من طعام وشراب ولباس وهو قادر عليه فإن نفسه تسكن عنده فإذا حيل بينه وبينه اشتد طلبه له ونزاع نفسه إليه على أن المحب للشيء متى أفرط في تناول محبوبه نفرت نفسه منه وربما انقلبت محبته كراهية وسيأتي مزيد بيان لهذا في باب سلو المحبين إن شاء الله تعالى
فصل: ودواعي الحب من المحبوب جماله إما الظاهر أو الباطن أو هما معا فمتى كان جميل الصورة جميل الأخلاق والشيم والأوصاف كان الداعي منه أقوى وداعي الحب من المحب أربعة أشياء أولها النظر إما بالعين أو بالقلب إذا