الباب الخامس:في دواعي المحبة ومتعلقها

الداعي قد يراد به الشعور الذي تتبعه الإرادة والميل فذلك قائم بالمحب وقد يراد به السبب الذي لأجله وجدت المحبة وتعلقت به وذلك قائم بالمحبوب ونحن نريد بالداعي مجموع الأمرين وهو ما قام بالمحبوب من الصفات التي تدعو إلى محبته وما قام بالمحب من الشعور بها والموافقة التي بين المحب والمحبوب وهي الرابطة بينهما وتسمى بين المخلوق والمخلوق مناسبة وملاءمة

فها هنا أمور وصف المحبوب وجماله وشعور المحب به والمناسبة وهي العلاقة والملاءمة التي بين المحب والمحبوب فمتى قويت الثلاثة وكملت قويت المحبة واستحكمت ونقصان المحبة وضفعها بحسب ضعف هذه الثلاثة أو نقصها فمتى كان المحبوب في غاية الجمال وشعور المحب بجماله أتم شعور والمناسبة التي بين الروحين قوية فذلك الحب اللازم الدائم وقد يكون الجمال في نفسه ناقصا لكن هو في عين المحب كامل فتكون قوة محبته بحسب ذلك الجمال عنده فإن حبك للشيء يعمي ويصم فلا يرى المحب أحدا أحسن من محبوبه كما يحكى أن عزة دخلت على الحجاج فقال لها يا عزة والله ما أنت كما قال فيك كثير فقالت أيها الأمير إنه لم يرني بالعين التي رأيتني بها ولا ريب أن المحبوب أحلى في عين محبه وأكبر في صدره من غيره وقد أفصح بهذا القائل في قوله

فوالله ما أدري أزيدت ملاحة ... وحسنا على النسوان أم ليس لي عقل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015