وجنوده أرسلوا بالقدر إرسالا كونيا فالقدر دينهم قال الله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} فدينهم القدر ومصيرهم سقر فبعث الله الرسل بالأمر وأمرهم أن يحاربوا به أهل القدر وشرع لهم من أمره سفنا وأمرهم أن يركبوا فيها هم وأتباعهم في بحر القدر وخص بالنجاة من ركبها كما خص بالنجاة أصحاب السفينة وجعل ذلك آية للعالمين فأصحاب الأمر حرب لأصحاب القدر حتى يردوهم إلى الأمر وأصحاب القدر يحاربون أصحاب الأمر حتى يخرجوهم منه فالرسل دينهم الأمر مع إيمانهم بالقدر وتحكيم الأمر عليه وإبليس وأتباعه دينهم القدر ودفع الأمر به فتأمل هذه المسألة في القدر والأمر وانقسام العالم فيها إلى هذه الأقسام الخمسة وبالله التوفيق

فحركات العالم العلوي والسفلي وما فيهما موافقة للأمر إما الأمر الديني الذي يحبه الله ويرضاه وإما الأمر الكوني الذي قدره وقضاه وهو سبحانه لم يقدره سدى ولا قضاه عبثا بل لما فيه من الحكمة والغايات الحميدة وما يترتب عليه من أمور يحب غاياتها وإن كره أسبابها ومادئها فإنه سبحانه وتعالى يحب المغفرة وإن كره معاصي عباده ويحب الستر وإن كره ما يستر عبده عليه ويحب العتق وإن كره السبب الذي يعتق عليه من النار ويحب العفو كما في الحديث (أللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) وإن كره ما يعفو عنه من الأوزار ويحب التوابين وتوبتبهم وإن كره معاصيهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015