وقال تعالى {وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء لبلوكم أيكم أحسن عملا} فأخبر سبحانه عن خلق العالم والموت والحياة وتزيين الأرض بما عليها أنه للابتلاء والامتحان ليختبر خلقه أيهم أحسن عملا فيكون عمله موافقا لمحاب الرب تعالى فيوافق الغاية التي خلق هو لها وخلق لأجلها العالم وهي عبوديته المتضمنة لمحبته وطاعته وهي العمل الأحسن وهو مواقع محبته ورضاه وقدر سبحانه مقادير تخالفها بحكمته في تقديرها وامتحن خلقه بين أمره وقدره ليبلوهم أيهم أحسن عملا
فانقسم الخلق في هذاالابتلاء فريقين فريقا داروا مع أوامره ومحابه ووقفوا حيث وقف بهم الأمر وتحركوا حيث حركهم الأمر واستعملوا الأمر في القدر وركبو سفينة الأمر في بحر القدر وحكموا الأمر على القدر ونازعوا القدر بالقدر امتثالا لأمره واتباعا لمرضاته فهؤلاء هم الناجون والفريق الثاني عارضوا بين الأمر والقدر وبين ما يحبه ويرضاه وبين ما قدره وقضاه ثم افترقوا أربع فرق
فرقة كذبت بالقدر محافظة على الأمر فأبطلت الأمر من حيث حافظت على القدر فإن الإيمان بالقدر أصل الإيمان بالأمر وهو نظام التوحيد فمن كذب بالقدر نقض تكذيبه إيمانه
وفرقة ردت الأمر بالقدر وهؤلاء من أكفر الخلق وهم الذين حكى الله قولهم في القرآن إذ قالوا {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا}