إنك لص فخفتها والله أيها الأمير على نفسي فقلت أمهليني حتى الليل فلما صليت العتمة وثقت بشدة حرس الأمير فخرجت من عندها هاربا وكان القتل أيسر علي من خيانة أخي فلقيني عسس الأمير فأخذوني وقد قلت في ذلك شعرا قال وما قلت فقال
رب بيضاء آنس ذات دل ... قد دعتني لوصلها فأبيت
لم يكن شأني العفاف ولكن ... كنت خلا لزوجها فاستحيت
فأمر بإطلاقه
وقال الربيع بن زياد رأيت جارية عند قبر وهي تقول
بنفسي فتى أوفى البرية كلها ... وأقواهم في الموت صبرا على الحب
فقلت لها بم صار أوفاهم وأقواهم قالت هويني فكان أهلي إن جاهر بحبي لاموه وإن كتمه عنفوه فلما أخذه الأمر قال
يقولون إن جاهرت قد عضك الهوى ... وإن لم أبح بالحب قالوا تصبرا
وليس لمن يهوى ويكتم حبه ... من الأمر إلا أن يموت فيعذرا
ولم يزل يردد هذين البيتين حتى مات فوالله يا هذا لا أبرح أو يتصل قبرانا ثم شهقت شهقة فصاح النساء وقلن قضت والذي اختار لها الوفاة فما رأيت أسرع ولا أوحى من أمرها قال ابن الدمينة
وبتنا فويق الحي لا نحن منهم ... ولا نحن بالأعداء مختلطان
وبات بقينا ساقط الطل والندى ... من الليل بردا يمنة عطران