ثم أدنى من ذلك أن يحمله عليها خوف العار والشنار ومنهم من يحمله على العفة الإبقاء على محبته خشية ذهابها بالوصال ومنهم من يحمله عليها عفة محبوبه ونزاهته ومنهم من يحمله عليها الحياء منه والاحتشام له وعظمته في صدره ومنهم من يحمله عليها الرغبة في جميل الذكر وحسن الأحدوثة ومنهم من يحمله عليها الإبقاء على جاهه ومروءته وقدره عند محبوبه وعند الناس ومنهم من يحمله عليها كرم طبعه وشرف نفسه وعلو همته ومنهم من يحمله عليها لذة الظفر بالعفة فإن للعفة لذة أعظم من لذة قضاء الوطر لكنها لذة يتقدمها ألم حبس النفس ثم تعقبها اللذة وأما قضاء الوطر فبالضد من ذلك ومنهم من يحمله عليها علمه بما تعقبه اللذة المحرمة من المضار والمفاسد وجمع الفجور خلال الشر كلها كما ستقف عليه في الباب الذي يلي هذا إن شاء الله تعالى
فصل ولم يزل الناس يفتخرون بالعفة قديما وحديثا قال إبراهيم بن هرمة
ولرب لذة ليلة قد نلتها ... وحرامها بحلالها مدفوع
وقال غيره
إذا ما هممنا صدنا وازع التقى ... فولى على أعقابه الهم خاسئا
وقال آخر
أتأذنون لصب في زيارتكم ... فعندكم شهوات السمع والبصر
لا يضمر السوء إن طالت إقامته ... عف الضمير ولكن فاسق النظر