فصل وأما الغيرة علىالمحبوب فهي أنفة المحب وحميته أن يشاركه في محبوبه غيره وهذه أيضا نوعان غيرة المحب أن يشاركه غيره في محبوبه وغيرة المحبوب على محبه أن يحب معه غيره والغيرة من صفات الرب جل جلاله والأصل فيها قوله تعالى {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}
ومن غيرته تعالى لعبده وعليه يحميه مما يضره في آخرته كما في الترمذي وغيره مرفوعا إن الله يحمي عبده المؤمن من الدنيا كما يحمي أحدكم مريضه من الطعام والشراب وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الكسوف: "والله يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته" وفي ذكر هذا الذنب بخصوصه في خطبة الكسوف سر بديع قد نبهنا عليه في باب غض البصر وأنه يورث نورا في القلب ولهذا جمع الله سبحانه وتعالى بين الأمر به وبين ذكر آية النور فجمع الله سبحانه بين نور القلب بغض البصر وبين نوره الذي مثله بالمشكاة لتعلق أحدهما بالآخر فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين ظلمة القلب بالزنا وبين ظلمة الوجود بكسوف الشمس وذكر أحدهما مع الآخر وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس شيء أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك أثنى على نفسه ولا أحد أحاب إليه العذر من الله من أجل ذلك أرسل الرسل"