بل هي محبة معلولة حتى يسر بما ساءه وسره من مراضي محبوبه وإذا كان هذا موجودا في محبة الخلق بعضهم لبعض فالحبيب لذاته أولى بذلك قال أبو الشيص
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم
وأهنتني فأهنت نفسي جاهدا ... ما من يهون عليك ممن يكرم
أشبهت أعدائي فصرت أحبهم ... إذ كان حظي منك حظي منهم
أجد الملامة في هواك لذيذة ... حبا لذكرك فليلمني اللوم
وقريب من هذا البيت الأخير قول الآخر
لئن ساءني أن نلتني بمساءة ... لقد سرني أني خطرت ببالك
وقال الآخر
صدودك عني إن صددت يسرني ... ولم أر قبلي عاشقا سر بالصد
سررت به أني تيقنت أنما ... دعاك إليه رغبة منك في ودي
ولو كنت فيه تزهدين لساءه ... ولكنما عتب المحب من الوجد
فيا فرحة لي إذ رأيتك تعتبي ... علي لذنب كان مني على عمد
وقال الآخر
أهوى هواها وطول البعد يعجبها ... فالبعد قد صار لي في حبها أربا
فمن رأى والها قبلي أخا كلف ... ينأى إذا حبه من أرضه قربا