فصل ومنها الإقبال على حديثه وإلقاء سمعه كله إليه بحيث يفرغ لحديثه سمعه وقلبه وإن ظهر منه إقبال على غيره فهو إقبال مستعار يستبين فيه التكلف لمن يرمقه كما قال

وأديم لحظ محدثي ليرى ... أن قد فهمت وعندكم عقلي

فإن أعوزه حديثه بنفسه فأحاب شيء إليه الحديث عنه ولا سيما إذا حدث عنه بكلامه فإنه يقيمه مقام خطابه كما قال القائل المحبون لا شيء ألذ لهم ولقلوبهم من سماع كلام محبوبهم وفيه غاية مطلوبهم ولهذا لم يكن شيء ألذ لأهل المحبة من سماع القرآن وقد ثبت في الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ علي قلت أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه من أول سورة النساء حتى إذا بلغت قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} قال حسبك الآن فرفعت رأسي فإذا عيناه تذرفان وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا أمروا قارئا أن يقرأ وهم يستمعون وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا دخل عليه أبو موسى يقول يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ أبو موسى وربما بكى عمر

ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي موسى رضي الله عنه وهو يصلي من الليل فأعجبته قراءته فوقف واستمع لها فلما غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال لقد مررت بك البارحة وأنت تقرأ فوقفت واستمعت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015