الباب الثاني عشر: في سكرة العشاق

ولا بد قبل الخوض في ذلك من بيان حقيقة السكر وسببه وتولده فنقول السكر لذة يغيب معها العقل الذي يعلم به القول ويحصل معه التمييز قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} فجعل الغاية التي يزول بها حكم السكران أن يعلم ما يقول فمتى لم يعلم ما يقول فهو في السكر وإذا علم ما يقول خرج عن حكمه وهذا هو حد السكران عند جمهور أهل العلم

قيل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى بماذا يعلم أنه سكران فقال إذا لم يعرف ثوبه من ثوب غيره ونعله من نعل غيره ويذكر عن الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال إذا اختلط كلامه المنظوم وأفشى سره المكتوم وقال محمد بن داود الأصفهاني إذا عزبت عنه الهموم وباح بسره المكتوم فالسكر يجمع معنيين وجود لذة وعدم تمييز والذي يقصد السكر قد يقصد أحدهما وقد يقصد كليهما فإن النفس لها هوى وشهوات تلتذ بإدراكها والعلم بما في تلك اللذات من المفاسد العاجلة والآجلة يمنعها من تناولها والعقل يأمرها بأن لا تفعل فإذا زال العقل الآمر والعلم الكاشف انبسطت النفس في هواها وصادفت مجالا واسعا

وحرم الله سبحانه وتعالى السكر لشيئين ذكرهما في كتابه من قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015