الباب العاشر: في ذكر حقيقة العشق وأوصافه وكلام الناس فيه

الباب العاشر: في ذكر حقيقة العشق وأوصافه وكلام الناس

فيه فالذي عليه الأطباء قاطبة أنه مرض وسواسي شبيه بالماليخوليا يجلبه المرء إلى نفسه بتسليط فكره على استحسان بعض الصور والشمائل وسببه النفساني الاستحسان والفكر وسببه البدني ارتفاع بخار رديء إلى الدماغ عن مني محتقن ولذلك أكثر ما يعتري العزاب وكثرة الجماع تزيله بسرعة

وقال بعض الفلاسفة العشق طمع يتولد في القلب ويتحرك وينمي ثم يتربى ويجتمع إليه مواد من الحرص وكلما قوي ازداد صاحبه في الاهتياج واللجاج والتمادي في الطمع والحرص على الطلب حتى يؤديه ذلك إلى الغم والقلق ويكون احتراق الدم عند ذلك باستحالته إلى السوداء والتهاب الصفراء وانقلابها إليها ومن غلبة السوداء يحصل له فسادالفكر ومع فساد الفكر يكون زوال العقل ورجاء ما لا يكون وتمني مالا يتم حتى يؤدي إلى الجنون فحينئذ ربما قتل العاشق نفسه وربما مات غما وربما نظر إلى معشوقه فمات فرحا وربما شهق شهقة فتختنق روحه فيبقى أربعة وعشرين ساعة فيظن أنه قد مات فيدفن وهو حي وربما تنفس الصعداء فتختنق نفسه في تامور قلبه وينضم عليها القلب ولا ينفرج حتى يموت وتراه إذا ذكر له من يهواه هرب دمه واستحال لونه وقال أفلاطون العشق حركة النفس الفارغة وقال أرسطاطاليس العشق عمى الحس عن إدراك عيوب المحبوب ومن هذا أخذ جرير قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015