والضم لا يمنع السقم والموت الحاصل بسبب الحب فإن العشق يزيد بذلك ولا يزول
فما صبابة مشتاق على أمل ... من الوصال كمشتاق بلا أمل
ولا ريب في أن محبة من له طمع أقوى من محبة من يئس من محبوبه ولهذا قال الشاعر
وأبرح ما يكن الحب يوما ... إذا دنت الديار من الديار
فإن قيل فقد أباح الله سبحانه للمضطر الميتة والدم ولحم الخنزير وتناولها في هذه الحال واجب عليه قال مسروق والإمام أحمد رحمهما الله تعالى من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل فمات دخل النار فغاية النظرة والقبلة والضمة أن تكون محرمة فإذا اضطر العاشق إليها فإن لم تكن واجبة فلا أقل من أن تكون مباحة فهذا قياس واعتبار صحيح وأين مفسدة موت العاشق إلى مفسدة ضمه ولمه
فالجواب أن هذا يتبين بذكر قاعدة وهي أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل في العبد اضطرارا إلى الجماع بحيث إن لم يفعله مات بخلاف اضطراره إلى الأكل والشرب واللباس فإنه من قوام البدن الذي إن لم يباشره هلك ولهذا لم يبح من الوطء الحرام ما أباح من تناول الغذاء والشراب المحرم فإن هذا من قبيل الشهوة واللذة التي هي تتمة وفضلة ولهذا يمكن الإنسان أن يعيش طول عمره بغير تزوج وغير تسر ولا يمكنه أن يعيش بغير طعام ولا شراب ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشباب أن يداووا هذه الشهوة بالصوم وقال تعالى عن عشاق المردان {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ