والنهي عن المنكر، فلا عجب إن وجدنا دول الطوائف مرهفة الشعور بالحاجة الماسة إلى اصطناع الطبقة المثقفة ثقافة موسوعية جامعة، وقد كان من أعلام تلك الطبقة أسماء خلدها التاريخ كالغزالي والماوردي والسمناني ونظام الملك الذي أخذ بيد السمناني لما لمسه فيه من سعة الثقافة والدراية بالفقه والتاريخ وصنفت الروضة تعبيراً عن عميق الولاء لذلك الوزير.
لقد رمى مصنف الروضة بتأليفه أن يكون كتاباً جامعاً مبسطاً بحيث "يحتاج إليه العلماء والمتعلمون والخاصة والعامة، ولا يستغني عنه في أدب الفقه (القضاء) على جميع مذاهب الفقهاء".
والواقع أن هذا الغرض المزدوج الجامع بين إفادة المتعلمين من ناشئة الفقهاء والمتضلعين منهم من الأغراض التي حرص على اتباعها في مصنف آخر مكمل لهذا الكتاب وردت إليه الإشارة في الروضة في باب "كاتب القاضي" حيث جاء "وقد صنفنا في الشروط كتاباً سميناه كنز العلماء والمتعلمين في علم الشروط".
وإلى مثل هذا الغرض رمى إمام الهدى الفقيه أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي عند تصنيفه كتاب خزانة الفقه.
نحن إذن أمام مؤلف له هدف واضح، وهو فوق ذلك محيط بموضوعه وبما صنف فيه قبل ذلك من كتب إحاطة ناقد بصير، وقد صرح بنفسه بهذه الحقيقة فقال في مقدمته على الروضة.
صنف في ذلك كتب كثيرة كالذي صنفه الخصاف والطحاوي والاصطخري ومحمد بن الحسن (الشيبانى) وسائر شروح الضالعين فمنهم من أطال، ومنهم من قصر، ومنهم من قدم ما لا يحتاج إليه، ومنهم من أخر، ولم يرتب