قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه أجمع أهل التجارب للدهر وأهل الفضل في الدين والراغبون في الجميل على أن أفضل مَا اقتنى الرجل لنفسه في الدنيا وأجل مَا يدخر لها في العقبى هو لزوم الكرم ومعاشرة الكرام لأن الكرم يحسن الذكر ويشرف القدر وهو طباع ركبها اللَّه في بني آدم فمن الناس من يكون أكرم من أبيه وربما كان الأب أكرم من ابنه وربما كان المملوك أكرم من مولاه ورب مولى أكرم من مملوكه
ولقد أحسن الذي يقول ... رب مملوك إذا كشفته ... كان من مولاه أولى بالكرم
فهو ممدوح على أحواله ... وترى مولاه يهجى ويذم
وتراه كيف يعلو دائما ... وترى مولاه من تحت القدم
وفتى تلقى أباه دونه ... وأبا تلقاه أعلى وأتم
من بنيه ثم لا يعتل إن ... طلب المعروف منه بالصمم
وكذلك الناس فاعلم ربنا ... قدر الأخلاق فيهم وقسم ...
وأنشدني الأبرش ... رأيت اللين لا يرضى بضيم ... لأن الضيم يسخطه الكريم
وإن اللين أكرم كل شيء ... فليس يحيه خلق لئيم
فإن نزل الأذى واللين قلبا ... فإن اللين يرحل لا يقيم
ويبقى للأذى في القلب صحب ... من البغضاء يلبث لا يريم ...
حدثنا القطان بالرقة حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ قَالَ سمعت أَبِي يقول مَا من أحد إلا وله توبة إلا سيء الخلق فإنه لا يتوب من ذنب إلا دخل في شر منه
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه الكريم محمود الأثر في الدنيا مرضى العمل