قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه الناس في الزيارة على ضربين فمنهم من صحح الحال بينه وبين أخيه وتعرى عَن وجود الخلل وورود البغض فيه فإذا كان بهذا النعت أحببت له الإكثار من الزيارة والإفراط في الاجتماع لأن الإكثار من الزيارة بين من هذا نعته لا يورث الملالة والإفراط في الاجتماع بين من هذه صفته يزيد في المؤانسة

والضرب الآخر لم يستحكم الود بينه وبين من يواخيه ولا أداهما الحال إلى ارتفاع الحشمة بينهما فيما يبتذلان لمهنتيهما فإذا كان بهذا النعت أحببت له الإقلال من الزيارة لأن الإكثار منها بينهما يؤدي إلى الملالة وكل مبذول مملول وكل ممنوع ملذوذ وقد روي عَن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبار كثيرة تصرح بنفي الإكثار من الزيارة حيث يقول زر غبا تزدد حبا إلا أنه لا يصح منها خبر من جهة النقل فتنكبنا عَن ذكرها وإخراجها في الكتاب وإليها ذهب بعض الناس حتى ذكروها في أشعارهم

من ذلك مَا أنشدني مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن زنجي البغدادي ... وقد قَالَ النَّبِيّ وكان برا ... إذا زرت الحبيب فزره غبا

وأقلل زور من تهواه تزدد ... إلى من زرته مقة وحبا ...

وأنشدني مُحَمَّد بْن أَبِي علي ... إني رأيتك لي محبا ... وإلى حين أغيب صبا

فقعدت لا لملالة ... حدثت ولا استحدثت ذنبا

إلا لقول نبينا ... زوروا على الأيام غبا ...

أنبأنا مُحَمَّد بْن المهاجر المعدل حَدَّثَنَا خالد بْن أَحْمَد الشيباني حَدَّثَنَا سعيد ابن عنبسة حَدَّثَنَا حميد بْن عَبْد الرحمن الرؤاسي قَالَ سمعت الحسن بْن صالح يقول كل مودة لا تزداد إلا بالالتقاء مدخولة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015