فِي الْمَسْجِدِ، وَالْأَذَانِ، وَغُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدِ، لَمْ يُجْزِئِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا سَبَقَ فِي الْوُضُوءِ. وَلَوْ نَوَى الْغُسْلَ الْمَفْرُوضَ، أَوْ فَرِيضَةَ الْغُسْلِ، أَجْزَأَهُ قَطْعًا.

الثَّانِي: اسْتِيعَابُ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِالْغَسْلِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا ظَهَرَ مِنْ صِمَاخَيِ الْأُذُنَيْنِ، وَالشُّقُوقِ فِي الْبَدَنِ، وَكَذَا مَا تَحْتَ الْقُلْفَةِ مِنَ الْأَقْلَفِ، وَمَا ظَهَرَ مِنْ أَنْفِ الْمَجْدُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَكَذَا مَا يَبْدُو مِنَ الثَّيِّبِ إِذَا قَعَدَتْ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، عَلَى أَصَحِّ الْأَوْجُهِ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا يَجِبُ غَسْلُ مَا وَرَاءَ مُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ، وَعَلَى الثَّالِثِ: يَجِبُ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ خَاصَّةً، لِإِزَالَةِ دَمِهِمَا، وَلَا يَجِبُ مَا وَرَاءَ مَا ذَكَرْنَاهُ قَطْعًا، وَلَا الْمَضْمَضَةُ، وَالِاسْتِنْشَاقُ. وَيَجِبُ إِيصَالُ الْمَاءِ جَمِيعَ الشُّعُورِ الَّتِي عَلَى الْبَشَرَةِ، وَإِلَى مَنَابِتِهَا، وَإِنْ كَثَفَتْ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ شَعْرٍ نَبَتَ فِي الْعَيْنِ، وَيُسَامَحُ بِبَطْنِ الْعُقَدِ الَّتِي عَلَى الشَّعْرَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَلَى وَجْهٍ يَجِبُ قَطْعُهَا.

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي صَحَّحَهُ هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ صَاحِبُ (الْبَحْرِ) وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُ قَطْعُهَا بِلَا خِلَافٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ، وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي شَرْحِ (الْمُهَذَّبِ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيَجِبُ نَقْضُ الظَّفَائِرِ إِنْ لَمْ يَصِلِ الْمَاءُ إِلَى بَاطِنِهَا إِلَّا بِالنَّقْضِ، وَلَا يَجِبُ إِنْ وَصَلَ.

أَمَّا أَكْمَلُ الْغُسْلَ فَيَحْصُلُ بِأُمُورٍ. الْأَوَّلُ: أَنْ يَغْسِلَ مَا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ أَذًى أَوَّلًا، كَالْمَنِيِّ وَنَحْوِهِ مِنَ الْقَذَرِ الطَّاهِرِ، وَكَذَا النَّجِسُ. وَتَقْدِيمُ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْغُسْلِ. فَلَوْ غَسَلَ غَسْلَةً وَاحِدَةً بِنْيَةِ الْحَدَثِ وَالنَّجَسِ، طَهُرَ عَنِ النَّجَسِ. وَلَا يَطْهُرُ عَنِ الْحَدَثِ عَلَى الْمَذْهَبِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَطْهُرُ عَنِ الْحَدَثِ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015