لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ - كَاسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِلشَّهْرِ الْمُسْقَبَلِ - لَكِنْ لَوْ كَانَتِ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً لَا يُمْكِنُ قَطْعُهَا فِي سَنَةٍ، لَمْ يَضُرَّ التَّأْخِيرُ. وَالْمُعْتَبَرُ السَّنَةُ الْأُولَى مِنْ سِنِي الْإِمْكَانِ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ. وَإِنْ أَطْلَقَا وَلَمْ يُعَيِّنَا زَمَنًا حُمِلَ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى. فَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَا سَبَقَ. وَأَمَّا الْإِجَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَيَجُوزُ فِيهَا تَعْيِينُ السَّنَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا. فَإِنْ أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى الْأُولَى، وَلَا يَقْدَحُ فِيهَا مَرَضُ الْأَجِيرِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِنَابَةِ، وَلَا خَوْفُ الطَّرِيقِ، وَلَا ضِيقُ الْوَقْتِ، إِنْ عُيِّنَ غَيْرُ السَّنَةِ الْأُولَى. وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي إِجَارَةِ الْعَيْنِ بِحَالٍ. وَأَمَّا إِجَارَةُ الذِّمَّةِ فَفِي «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ إِنْ قَالَ: أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ تَحْصِيلَ حَجَّةٍ لِي، جَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ، وَإِنْ قَالَ: لِتَحُجَّ بِنَفْسِكَ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَعْيَانِ الْأُجَرَاءِ. وَهَذَا قَدْ حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنِ الصَّيْدَلَانِيِّ وَخَطَّأَهُ فِيهِ، وَقَالَ بِبُطْلَانِ الْإِجَارَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنِيَّةَ مَعَ الرَّبْطِ بِمُعَيَّنٍ تَتَنَاقَضَانِ. كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ مُعَيَّنٍ [بِعَيْنِهِ] . وَهَذَا إِشْكَالٌ قَوِيٌّ.
فَرْعٌ
أَعْمَالُ الْحَجِّ مَعْرُوفَةٌ، فَإِنْ عَلِمَهَا الْمُتَعَاقِدَانِ عِنْدَ الْعَقْدِ، فَذَاكَ. وَإِنْ جَهِلَهَا أَحَدُهُمَا، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمِيقَاتِ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ الْأَجِيرُ؟ فِيهِ طُرُقٌ. أَصَحُّهَا عَلَى قَوْلَيْنِ، أَظْهَرُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ، وَيُحْمَلُ عَلَى مِيقَاتِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ. وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ. الطَّرِيقُ الثَّانِي: إِنْ كَانَ لِلْبَلَدِ طَرِيقَانِ مُخْتَلِفَا الْمِيقَاتِ، أَوْ طَرِيقٌ يُفْضِي إِلَى مِيقَاتَيْنِ كَالْعَقِيقِ، وَذَاتِ عِرْقٍ، اشْتُرِطَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ [لَهُ] إِلَّا مِيقَاتٌ وَاحِدٌ، لَمْ يُشْتَرَطْ. وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ