فَرْعٌ
لَوْ مَلَكَ فَاضِلًا عَنِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ، وَاحْتَاجَ إِلَى النِّكَاحِ لِخَوْفِهِ الْعَنَتَ، فَصَرْفُ الْمَالِ إِلَى النِّكَاحِ أَهَمُّ مِنْ صَرْفِهِ إِلَى الْحَجِّ.
هَذِهِ عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ. وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ حَاجَةَ النِّكَاحِ نَاجِزَةٌ، وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي. وَالسَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْهُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَجُّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَيَصْرِفُ مَا مَعَهُ فِي النِّكَاحِ. وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِهَذَا، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ أَرَادَ التَّزَوُّجَ، لَكِنْ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ لِوُجُوبِهِ عَلَى التَّرَاخِي. ثُمَّ إِنْ لَمْ يَخَفِ الْعَنَتَ، فَتَقْدِيمُ الْحَجِّ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ. وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي شَرْحِ «الْمُهَذَّبِ» . - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
لَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَصْرِفُهُ إِلَى الزَّادِ، لَكِنَّهُ كَسُوبٌ يَكْسِبُ مَا يَكْفِيهِ، وَوَجَدَ نَفَقَةَ أَهْلِهِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ تَعْوِيلًا عَلَى الْكَسْبِ؟ حَكَى الْإِمَامُ عَنْ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا، وَلَا يَكْسِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إِلَّا كِفَايَةَ يَوْمِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْقَطِعُ عَنِ الْكَسْبِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ. وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ قَصِيرًا، وَيَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ، لَزِمَهُ الْخُرُوجُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ احْتِمَالٌ، فَإِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ لَا تُجْعَلُ كَمِلْكِ الصَّاعِ.