الِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَيُسْتَحَبُّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَفِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ آكَدُ، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَطَلَبًا لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ.
وَمَنْ أَرَادَ هَذِهِ السُّنَّةَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، حَتَّى لَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ، وَيَخْرُجَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ. وَلَوْ مَكَثَ لَيْلَةَ الْعِيدِ إِلَى أَنْ يُصَلِّيَ، أَوْ يَخْرُجَ مِنْهُ إِلَى الْعِيدِ، كَانَ أَفْضَلَ.
فَرْعٌ
لَيْلَةُ الْقَدْرِ أَفْضَلُ لَيَالِي السَّنَةِ، خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا هَذِهِ الْأُمَّةَ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَفِي أَوْتَارِهَا أَرْجَى.
وَمَيْلُ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّهَا لَيْلَةُ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ: إِلَى ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا: هِيَ لَيْلَةٌ مُنْتَقِلَةٌ فِي لَيَالِي الْعَشْرِ، تَنْتَقِلُ كُلَّ سَنَةٍ إِلَى لَيْلَةٍ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ.
قُلْتُ: وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الْمُزَنِيِّ أَيْضًا، وَهُوَ قَوِيٌّ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهَا تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.