بَابٌ.

صَوْمُ التَّطَوُّعِ.

مَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ، أَوْ صَلَاةِ تَطَوُّعٍ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِتْمَامُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ. فَلَوْ خَرَجَ مِنْهُمَا، فَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ، ثُمَّ إِنْ خَرَجَ لِعُذْرٍ، لَمْ يُكْرَهْ، وَإِلَّا كُرِهَ عَلَى الْأَصَحِّ.

وَمِنَ الْعُذْرِ، أَنْ يَعِزَّ عَلَى مَنْ ضَيَّفَهُ امْتِنَاعُهُ مِنَ الْأَكْلِ. وَلَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ الْقَضَاءِ الْوَاجِبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْفَوْرِ، لَمْ يَجُزِ الْخُرُوجُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، قَالَهُ الْقَفَّالُ، وَقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَصَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَطَائِفَةٌ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي «الْأُمِّ» وَبِهِ قَطَعَ الرُّويَانِيُّ فِي «الْحِلْيَةِ» وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، لِأَنَّهُ صَارَ مُتَلَبِّسًا بِالْفَرْضِ وَلَا عُذْرَ، فَلَزِمَهُ إِتْمَامُهُ، كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ.

وَأَمَّا صَوْمُ الْكَفَّارَةِ، فَمَا لَزِمَ مِنْهُ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ، فَهُوَ كَالْقَضَاءِ الَّذِي عَلَى الْفَوْرِ. وَمَا لَزِمَ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ، كَقَتْلِ الْخَطَأِ، فَهُوَ كَالْقَضَاءِ الَّذِي عَلَى التَّرَاخِي. وَكَذَا النَّذْرُ الْمُطْلَقُ.

وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَهُوَ انْقِسَامُ الْقَضَاءِ إِلَى وَاجِبٍ عَلَى الْفَوْرِ، وَعَلَى التَّرَاخِي. فَالْأَوَّلُ: مَا تَعَدَّى فِيهِ بِالْإِفْطَارِ، فَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ قَضَائِهِ. قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : حَتَّى يَحْرُمَ عَلَيْهِ التَّأْخِيرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَمَا لَمْ يَتَعَدَّ بِهِ، كَالْفِطْرِ بِالْحَيْضِ وَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ، فَقَضَاؤُهُ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَحْضُرْ رَمَضَانُ السَّنَةِ الْمُقْبِلَةِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْعِرَاقِيِّينَ: الْقَضَاءُ عَلَى التَّرَاخِي فِي الْمُتَعَدِّي وَغَيْرِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015