تَرَكَهُ لِاضْطِرَابِ الْأَصْحَابِ فِيهِ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْمَذْهَبِ: تَصْحِيحُ الْجَدِيدِ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا، إِلَى تَصْحِيحِ الْقَدِيمِ. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِالْقَدِيمِ، فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ ثَبَتَتْ فِيهِ.
وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ حُجَّةٌ مِنَ السُّنَّةِ. وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ بِالْإِطْعَامِ، ضَعِيفٌ، فَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِالْقَدِيمِ. ثُمَّ مَنْ جَوَّزَ الصِّيَامَ، جَوَّزَ الْإِطْعَامَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَحُكَمُ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ، حُكْمُ صَوْمِ رَمَضَانَ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْقَضَاءِ، بِأَنْ لَا يَزَالَ مَرِيضًا، أَوْ مُسَافِرًا مِنْ أَوَّلِ شَوَّالٍ حَتَّى يَمُوتَ، فَلَا شَيْءَ فِي تَرِكَتِهِ وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا يَصِحُّ الصِّيَامُ مِنْ أَحَدٍ فِي حَيَاتِهِ بِلَا خِلَافٍ، سَوَاءً كَانَ عَاجِزًا أَوْ غَيْرَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
الشَّيْخُ الْهَرِمُ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ، أَوْ تَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ، لَا صَوْمَ عَلَيْهِ. وَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِ، قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْوُجُوبُ.
وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ. وَلَوْ نَذَرَ فِي خِلَالِ الْعَجْزِ صَوْمًا، فَفِي انْعِقَادِهِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَنْعَقِدُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْفِدْيَةَ عَلَى الشَّيْخِ، فَكَانَ مُعْسِرًا، هَلْ تَلْزَمُهُ إِذَا قَدَرَ؟ قَوْلَانِ، كَالْكَفَّارَةِ. وَلَوْ كَانَ رَقِيقًا فَعَتِقَ، فَفِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَالْأَوْلَى: بِأَنْ لَا تَجِبَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا.
وَلَوْ قَدَرَ الشَّيْخُ عَلَى الصَّوْمِ بَعْدَمَا أَفْطَرَ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ قَضَاءً؟ نَقَلَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ