كَالْمَضْمَضَةِ بِلَا مُبَالَغَةٍ. وَلَوْ سَبَقَ الْمَاءُ عِنْدَ غُسْلِ تَبَرُّدٍ، أَوْ مِنَ الْمَضْمَضَةِ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : إِنْ بَالَغَ أَفْطَرَ، وَإِلَّا فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْمَضْمَضَةِ، وَأَوْلَى بِالْإِفْطَارِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ.
قُلْتُ: الْمُخْتَارُ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ، الْجَزْمُ بِالْإِفْطَارِ كَالْمُبَالَغَةِ، لِأَنَّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا. وَلَوْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي فَمِهِ لَا لِغَرَضٍ، فَسَبَقَ، فَقِيلَ: يُفْطِرُ. وَقِيلَ بِالْقَوْلَيْنِ.
وَلَوْ أَصْبَحَ وَلَمْ يَنْوِ صَوْمًا، فَتَمَضْمَضَ وَلَمْ يُبَالِغْ، فَسَبَقَ الْمَاءُ إِلَى جَوْفِهِ ثُمَّ نَوَى صَوْمَ تَطَوُّعٍ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ.
قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي «فَتَاوِيهِ» : إِنْ قُلْنَا: هَذَا السَّبْقُ لَا يُفْطِرُ، صَحَّ، وَإِلَّا، فَلَا. قَالَ: وَالْأَصَحُّ: الصِّحَّةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
إِذَا بَقِيَ طَعَامٌ فِي خَلَلِ أَسْنَانِهِ، فَابْتَلَعَهُ عَمْدًا، أَفْطَرَ. وَإِنْ جَرَى بِهِ الرِّيقُ بِغَيْرِ قَصْدٍ، فَنَقَلَ الْمُزَنِيُّ: أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ. وَالرَّبِيعُ: أَنَّهُ يُفْطِرُ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. وَالْأَصَحُّ حَمْلُهَا عَلَى حَالَتَيْنِ، فَحَيْثُ قَالَ: لَا يُفْطِرُ، أَرَادَ بِهِ مَا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ.
وَحَيْثُ قَالَ: يُفْطِرُ، أَرَادَ بِهِ مَا إِذَا قَدَرَ فَلَمْ يَفْعَلْ وَابْتَلَعَهُ. وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ: إِنْ نَقَّى أَسْنَانَهُ بِالْخِلَالِ عَلَى الْعَادَةِ، (فَهُوَ) كَغُبَارِ الطَّرِيقِ، وَإِلَّا، أَفْطَرَ لِتَقْصِيرِهِ، كَالْمُبَالَغَةِ فِي الْمَضْمَضَةِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يُنَازِعَهُمَا فِي إِلْحَاقِهِ بِالْمُبَالَغَةِ الَّتِي وَرَدَ النَّصُّ بِكَرَاهَتِهَا، وَلِأَنَّ مَاءَ الْمُبَالَغَةِ أَقْرَبُ إِلَى الْجَوْفِ.
فَرْعٌ
الْمَنِيُّ إِذَا خَرَجَ بِالِاسْتِمْنَاءِ، أَفْطَرَ، وَإِنْ خَرَجَ بِمُجَرَّدِ فِكْرٍ وَنَظَرٍ بِشَهْوَةٍ، لَمْ يُفْطِرْ، وَإِنْ خَرَجَ بِمُبَاشَرَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، أَوْ لَمْسٍ أَوْ قُبْلَةٍ، أَفْطَرَ. هَذَا هُوَ