صَوْمًا أَوْ صَلَاةً فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، لَمْ يَجُزْ فِعْلُهُ قَبْلَهُ، وَلَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ، جَازَ التَّصَدُّقُ قَبْلَهُ، كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ.
وَمِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، مَسَائِلُ ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ فِي «الِإِحْيَاءِ» .
مِنْهَا: اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي أَنَّ الْمُحْتَاجَ، هَلِ الْأَفْضَلُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الزَّكَاةِ أَوْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ؟ فَكَانَ الْجُنَيْدُ، وَالْخَوَاصُّ، وَجَمَاعَةٌ يَقُولُونَ: الْأَخْذُ مِنَ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ، لِئَلَّا يُضَيِّقَ عَلَى الْأَصْنَافِ، وَلِئَلَّا يُخِلَّ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْأَخْذِ.
وَأَمَّا الصَّدَقَةُ، فَأَمْرُهَا هَيِّنٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: الزَّكَاةُ أَفْضَلُ، لِأَنَّهُ إِعَانَةٌ عَلَى وَاجِبٍ، وَلَوْ تَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ كُلُّهُمْ أَخْذَهَا، أَثِمُوا، وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا مِنَّةَ فِيهَا.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالصَّوَابُ. أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ. فَإِنْ عَرَضَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي اسْتِحْقَاقِهِ، لَمْ يَأْخُذِ الزَّكَاةَ، وَإِنْ قُطِعَ بِاسْتِحْقَاقِهِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ إِنْ لَمْ يَأْخُذْ هَذَا، لَا يَتَصَدَّقُ، فَلْيَأْخُذِ الصَّدَقَةَ، فَإِنَّ إِخْرَاجَ الزَّكَاةِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ إِخْرَاجِ تِلْكَ الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُضَيِّقْ بِالزَّكَاةِ، تَخَيَّرَ. وَأَخْذُ الزَّكَاةِ أَشَدُّ فِي كَسْرِ النَّفْسِ.
وَذَكَرَ أَيْضًا اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي إِخْفَاءِ أَخْذِ الصَّدَقَةِ وَإِظْهَارِهِ، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ فَضِيلَةٌ وَمَفْسَدَةٌ. ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى الْجُمْلَةِ الْأَخْذُ فِي الْمَلَاءِ، وَتَرْكُ الْأَخْذِ فِي الْخَلَاءِ، أَحْسَنُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.