رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ، وَيَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَزْنًا بِاخْتِلَافِ جِنْسِ مَا يَخْرُجُ، كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِيهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ، فَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَهُ رَاجَعَهُ فِي «شَرْحِ الْمُهَذَّبِ» وَمُخْتَصَرِهُ: أَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ الدَّارِمِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْكَيْلِ، دُونَ الْوَزْنِ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُخْرَجَ بِصَاعٍ مُعَايَرٍ بِالصَّاعِ الَّذِي كَانَ يُخْرَجُ بِهِ فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَلِكَ الصَّاعُ مَوْجُودٌ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ قَدْرٍ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ. وَعَلَى هَذَا، فَالتَّقْدِيرُ بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ تَقْرِيبًا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الصَّاعُ: أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ بِكَفَّيْ رَجُلٍ مُعْتَدِلِ الْكَفَّيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
كُلُّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ، فَهُوَ صَالِحٌ لِإِخْرَاجِ الْفِطْرَةِ. وَحُكِيَ قَوْلٌ قَدِيمٌ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا الْحِمَّصُ، وَالْعَدَسُ.
وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ: هُوَ الْأَوَّلُ. وَفَى الْأَقِطِ، طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِجَوَازِهِ، وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: جَوَازُهُ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِجَوَازِهِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، فَالْأَصَحُّ: أَنَّ اللَّبَنَ وَالْجُبْنَ فِي مَعْنَاهُ، وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئَانِ.
وَالْوَجْهَانِ فِي إِخْرَاجِ مَنْ قُوتُهُ الْأَقِطُ، وَاللَّبَنُ، وَالْجُبْنُ. وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ إِخْرَاجَ الْمَخِيضِ وَالْمَصْلِ وَالسَّمْنِ، لَا يُجْزِئُ، وَكَذَلِكَ الْجُبْنُ الْمَنْزُوعُ الزَّبَدِ.