بَابٌ

تَارِكُ الصَّلَاةِ

وَهُوَ ضَرْبَانِ.

أَحَدُهُمَا: تَرْكُهَا جَحْدًا لِوُجُوبِهَا، فَهُوَ مُرْتَدٌّ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ وُجُوبُهَا، وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ فِي جُحُودِ كُلِّ حُكْمٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَطْلَقَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ الْقَوْلَ بِتَكْفِيرِ جَاحِدِ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَلْ مَنْ جَحَدَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فِيهِ نَصٌّ، وَهُوَ مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي يَشْتَرِكُ فِي مَعْرِفَتِهَا الْخَوَاصُّ وَالْعَوَامُّ، كَالصَّلَاةِ، أَوِ الزَّكَاةِ، أَوِ الْحَجِّ، أَوْ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، أَوِ الزِّنَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهُوَ كَافِرٌ. وَمَنْ جَحَدَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا الْخَوَاصُّ، كَاسْتِحْقَاقِ بِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ، وَكَمَا إِذَا أَجْمَعَ أَهْلُ عَصْرٍ عَلَى حُكْمِ حَادِثَةٍ، فَلَيْسَ بِكَافِرٍ، لِلْعُذْرِ، بَلْ يَعْرِفُ الصَّوَابَ لِيَعْتَقِدَهُ. وَمَنْ جَحَدَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، ظَاهِرًا، لَا نَصَّ فِيهِ. فَفِي الْحُكْمِ بِتَكْفِيرِهِ خِلَافٌ يَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - بَيَانُهُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ، وَقَدْ أَوْضَحَ صَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الضَّرْبُ الثَّانِي: مَنْ تَرَكَهَا غَيْرَ جَاحِدٍ، وَهُوَ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: تَرْكٌ لِعُذْرٍ، كَالنَّوْمِ، وَالنِّسْيَانِ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ، وَوَقْتُهُ مُوَسَّعٌ. وَالثَّانِي: تَرْكٌ بِلَا عُذْرٍ تَكَاسُلًا، فَلَا يَكْفُرُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلَى الشَّاذِّ: يَكُونُ مُرْتَدًّا كَالْأَوَّلِ، فَعَلَى الصَّحِيحِ: يُقْتَلُ حَدًّا. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: يُحْبَسُ وَيُؤَدَّبُ وَلَا يُقْتَلُ. وَمَتَى يُقْتَلُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. الصَّحِيحُ: بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ إِذَا ضَاقَ وَقْتُهَا، وَالثَّانِي: إِذَا ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ. وَالثَّالِثُ: إِذَا ضَاقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ. وَالرَّابِعُ: إِذَا تَرَكَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ. وَالْخَامِسُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015