الثَّالِثَةُ: السَّيِّدُ مَعَهُ فِي الْمُعَامَلَةِ كَأَجْنَبِيٍّ يُبَايِعُهُ، وَيَأْخُذُ ثَمَنَهُ بِالشُّفْعَةِ. فَلَوْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ، وَلِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ النُّجُومُ، أَوْ دَيْنُ مُعَامَلَةٍ، فَفِي التَّقَاصِّ الْخِلَافُ الْآتِي فِي الْفَرْعِ عَقِيبَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعٌ
فِي التَّقَاصِّ إِذَا ثَبَتَ لِشَخْصَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَيْنٌ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جِهَتَيْنِ، كَسَلَمٍ وَقَرْضٍ، أَوْ قَرْضٍ وَثَمَنٍ، نُظِرَ هَلْ هُمَا نَقْدَانِ، أَمْ لَا؟ وَهَلْ هُمَا جِنْسٌ، أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَا جِنْسًا، وَاتَّفَقَا فِي الْحُلُولِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ، فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ.
أَظْهَرُهَا: يَحْصُلُ التَّقَاصُّ بِنَفْسِ ثُبُوتِ الدَّيْنَيْنِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى الرِّضَى إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ.
وَالثَّانِي: لَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ، وَإِنْ رَضِيَا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ.
وَالثَّالِثُ: يُشْتَرَطُ فِي التَّقَاصِّ رِضَاهُمَا.
وَالرَّابِعُ: يَكْفِي رِضَى أَحَدِهِمَا.
وَإِنِ اخْتَلَفَ الدَّيْنَانِ فِي الصِّفَاتِ كَالصِّحَّةِ، وَالْكَسْرِ، وَالْحُلُولِ، وَالتَّأْجِيلِ، أَوْ قَدْرِ الْأَجَلِ، لَمْ يَحْصُلِ التَّقَاصُّ؛ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ، وَلِصَاحِبِ الْحَالِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ إِلَى أَنْ يَحِلَّ مَا عَلَيْهِ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى جَعْلِ الْحَالِ قِصَاصًا عَنِ الْمُؤَجَّلِ، لَمْ يَجُزْ، كَمَا فِي الْحَوَالَةِ.
وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ فِيهِمَا وَجْهًا. وَلَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ لِأَجَلٍ وَاحِدٍ، فَهَلْ هُمَا كَالْحَالَّيْنِ، أَمْ كَمُؤَجَّلَيْنِ بِأَجَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ: الْأَوَّلُ، وَعِنْدَ الْبَغَوِيِّ: الثَّانِي.
وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ: دَرَاهِمَ، وَدَنَانِيرَ، فَلَا مُقَاصَّةَ.
وَالطَّرِيقُ: أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا مَا عَلَى الْآخَرِ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ جَعَلَ الْمَأْخُوذَ عِوَضًا عَمَّا عَلَيْهِ، فَيَرُدُّهُ إِلَيْهِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى قَبْضِ الْعِوَضِ