الثَّانِي: أَنْ تَغْرُبَ كَاسِفَةً، فَلَا يُصَلِّي. وَتَفُوتُ صَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ بِأَمْرَيْنِ. أَحَدُهُمَا: الِانْجِلَاءُ كَمَا سَبَقَ. وَالثَّانِي: طُلُوعُ الشَّمْسِ. فَإِذَا طَلَعَتْ وَهُوَ بَعْدُ خَاسِفٌ، لَمْ يُصَلِّ. وَلَوْ غَابَ فِي اللَّيْلِ خَاسِفًا، صَلَّى كَمَا لَوِ اسْتُتِرَ بِغَمَامٍ. وَلَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ خَاسِفٌ، أَوْ خُسِفَ بَعْدَ الْفَجْرِ، صَلَّى عَلَى الْجَدِيدِ. وَعَلَى هَذَا لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ، فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوِ انْجَلَى الْكُسُوفُ فِي الْأَثْنَاءِ. وَقَالَ الْقَاضِي ابْنُ كَجٍّ: هَذَانِ الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا غَابَ خَاسِفًا بَيْنَ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَغِبْ وَبَقِيَ خَاسِفًا، فَيَجُوزُ الشُّرُوعُ فِي الصَّلَاةِ بِلَا خِلَافٍ.

قُلْتُ: صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِجَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ. قَالَ صَاحِبُ (الْبَحْرِ) : وَلَوِ ابْتَدَأَ الْخُسُوفَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، لَمْ يُصَلِّ قَطْعًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَصْلٌ

إِذَا اجْتَمَعَتْ صَلَاتَانِ فِي وَقْتٍ، قُدِّمَ مَا يُخَافُ فَوْتُهُ، ثُمَّ الْأَوْكَدُ. فَلَوِ اجْتَمَعَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ، أَوْ جُمُعَةٌ وَكُسُوفٌ، وَخِيفَ فَوْتُ الْعِيدِ أَوِ الْجُمُعَةِ لِضِيقِ وَقْتِهَا، قُدِّمَتْ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ، فَالْأَظْهَرُ: يُقَدَّمُ الْكُسُوفُ. وَالثَّانِي: الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ، لِتَأَكُّدِهِمَا، وَبَاقِي الْفَرَائِضِ كَالْجُمُعَةِ. وَلَوِ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَوِتْرٌ أَوْ تَرَاوِيحُ، قُدِّمَ الْكُسُوفُ مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا أَفْضَلُ. وَلَوِ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ وَكُسُوفٌ أَوْ عِيدٌ، قَدَّمَ الْجِنَازَةَ، وَيَشْتَغِلُ الْإِمَامُ بَعْدَهَا بِغَيْرِهَا، وَلَا يُشَيِّعُهَا، فَلَوْ لَمْ تَحْضُرِ الْجِنَازَةُ، أَوْ حَضَرَتْ وَلَمْ يَحْضُرِ الْوَلِيُّ، أَفْرَدَ الْإِمَامُ جَمَاعَةً يَنْتَظِرُونَ الْجِنَازَةَ وَاشْتَغَلَ هُوَ بِغَيْرِهَا. وَلَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ وَجُمُعَةٌ وَلَمْ يَضِقِ الْوَقْتُ، قُدِّمَتِ الْجِنَازَةُ. وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، قُدِّمَتِ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: تُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ، لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَهَا بَدَلٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015