إِذَا عُرِفَ هَذَا فَالْكِتَابَةُ الْبَاطِلَةُ لَاغِيَةٌ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ ثَبَتَ حُكْمُ التَّعْلِيقِ.
وَأَمَّا الْفَاسِدَةُ، فَإِنَّهَا تُشَارِكُ الصَّحِيحَةَ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ عَلَى الْأَثَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُقُودِ، لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ فَاسِدِهَا وَصَحِيحِهَا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْكِتَابَةِ الْعِتْقُ، وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى فَاسِدٍ.
قَالَ الْأَصْحَابُ: تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.
أَحَدُهَا: التَّعْلِيقُ الْخَالِي عَنِ الْمُعَاوَضَةِ كَقَوْلِهِ: إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ، أَوْ كَلَّمْتُ فَلَانًا، فَأَنْتَ حُرٌّ.
وَمِنْ هَذَا: إِنْ أَدَّيْتَ إِلَيَّ كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِنَّ الْمَالَ لَيْسَ مَذْكُورًا عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ، فَهَذَا الْقِسْمُ لَازِمٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ، وَلَا لِلْعَبْدِ، وَلَا لَهُمَا رَفْعُهُ بِالْقَوْلِ، وَيَبْطُلُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ.
وَإِذَا وُجِدَتِ الصِّفَةُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ عَتَقَ، وَكَسْبُهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لِلسَّيِّدِ. وَلَوْ أَبْرَأَهُ فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِأَدَاءِ الْمَالِ عَنِ الْمَالِ لَمْ يَعْتِقْ، وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَهُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: التَّعْلِيقُ فِي عَقْدٍ يَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، وَهُوَ الْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ، وَسَتَأْتِي أَحْكَامُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الثَّالِثُ: التَّعْلِيقُ فِي عَقْدٍ فِيهِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، وَيَغْلِبُ فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَهُوَ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ، وَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ فِي أَحْكَامٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ الْمُسَمَّى عَتَقَ بِمُوجِبِ التَّعْلِيقِ، وَلَا يُعْتَقُ بِإِبْرَاءِ السَّيِّدِ، وَلَا بِأَدَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَا تَحْصُلُ بِهِمَا. وَلَوِ اعْتَاضَ عَنِ الْمُسَمَّى لَمْ يُعْتَقْ أَيْضًا.