النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ، ثُمَّ رَفَعَ فَلَمْ يَكَدْ يَسْجُدُ، ثُمَّ سَجَدَ فَلَمْ يَكَدْ يَرْفَعُ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. وَأَمَّا الِاعْتِدَالُ بَعْدَ الرُّكُوعِ الثَّانِي، فَلَا يُطَوِّلُ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا التَّشَهُّدُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
يُسْتَحَبُّ الْجَمَاعَةُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفَيْنِ. وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا شَرْطٌ، وَوَجْهٌ: أَنَّهَا لَا تُقَامُ إِلَّا فِي جَمَاعَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْجُمُعَةِ، وَهُمَا شَاذَّانِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُنَادِيَ لَهَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. وَأَنْ يُصَلِّيَ فِي الْجَامِعِ، وَأَنْ يَخْطُبَ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَتَيْنِ كَخُطْبَتَيِ الْجُمُعَةِ فِي الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ، سَوَاءٌ صَلَّوْهَا جَمَاعَةً فِي مِصْرٍ، أَوْ صَلَّاهَا الْمُسَافِرُونَ فِي الصَّحْرَاءِ. وَيَحُثُّ الْإِمَامُ النَّاسَ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ عَلَى التَّوْبَةِ مِنَ الْمَعَاصِي وَعَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ.
قُلْتُ: وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالصَّدَقَةِ، وَيُحَذِّرُهُمُ الْغَفْلَةَ وَالِاغْتِرَارَ. فَفِي (صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ) عَنْ أَسْمَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا، لَمْ يَخْطُبْ. وَيُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ، وَالْإِسْرَارُ فِي الشَّمْسِ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الَّذِي يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهُ يَجْهَرُ فِي الشَّمْسِ.