كِتَابُ التَّدْبِيرِ

فِيهِ بَابَانِ

الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: الْمَحَلُّ، وَالصِّيغَةُ، وَالْأَهْلُ.

أَمَّا الْمَحَلُّ، فَمَعْلُومٌ، وَأَمَّا الصِّيغَةُ، فَيَنْعَقِدُ التَّدْبِيرُ بِالصَّرِيحِ وَبِالْكِنَايَةِ فَالصَّرِيحُ كَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ أَعْتَقْتُكَ، أَوْ حَرَّرْتُكَ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ إِذَا مُتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ عَتِيقٌ، فَإِذَا مَاتَ عَتَقَ وَلَوْ قَالَ: دَبَّرْتُكَ، أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ، فَالنَّصُّ أَنَّهُ صَرِيحٌ، وَيَعْتِقُ إِذَا مَاتَ السَّيِّدُ. وَنُصَّ فِي الْكِتَابَةِ أَنَّ قَوْلَهُ: كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا، لَا يَكْفِي حَتَّى يَقُولَ: فَإِذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَيَنْوِيهِ، وَفِيهِمَا طَرِيقَانِ، فَقِيلَ: فِيهِمَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: صَرِيحَانِ لِاشْتِهَارِهِمَا فِي مَعْنَيَيْهِمَا، كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ.

وَالثَّانِي: كِنَايَتَانِ، لِخُلُوِّهِمَا عَنْ لَفْظِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعِتْقِ، وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ. وَالْكِنَايَةُ كَقَوْلِهِ: خَلَّيْتُ سَبِيلَكَ بَعْدَ مَوْتِي مَعَ نِيَّةِ الْعِتْقِ. وَلَوْ قَالَ: دَبَّرْتُ نِصْفَكَ أَوْ رُبُعَكَ، صَحَّ. وَإِذَا مَاتَ، عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ، وَلَمْ يَسْرِ. وَلَوْ قَالَ: دَبَّرْتُ يَدَكَ أَوْ رِجْلَكَ، فَهَلْ يَصِحُّ وَيَكُونُ كُلُّهُ مُدَبَّرًا، أَمْ يَلْغُو؟ وَجْهَانِ. وَنَصَّ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَسْتَ بِحُرٍّ، لَا يَصِحُّ التَّدْبِيرُ، كَمَا لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ لَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَسْتَ بِحُرٍّ، وَلَا الطَّلَاقُ إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لَسْتِ بِطَالِقٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015