مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحَارِبِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ
يَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ الْحَرِيرِ فِي حَالِ مُفَاجَأَةِ الْقِتَالِ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَلْبَسَ مِنْهُ مَا هُوَ وِقَايَةٌ لِلْقِتَالِ، كَالدِّيبَاجِ الصَّفِيقِ الَّذِي لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَفِي وَجْهٍ: يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْقِبَاءِ وَنَحْوِهِ، مِمَّا يَصْلُحُ فِي الْحَرْبِ مِنَ الْحَرِيرِ، وَلُبْسُهُ فِيهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، لِمَا فِيهِ مِنْ حُسْنِ الْهَيْئَةِ وَزِينَةِ الْإِسْلَامِ، كَتَحْلِيَةِ السَّيْفِ، وَالصَّحِيحُ تَخْصِيصُهُ بِحَالَةِ الضَّرُورَةِ.
فَرْعٌ
لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى نُصُوصٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْأَعْيَانِ النَّجِسَةِ. فَقِيلَ فِي أَنْوَاعِ اسْتِعْمَالِهَا كُلِّهَا قَوْلَانِ. وَالْمَذْهَبُ: التَّفْصِيلُ، فَلَا يَجُوزُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ، وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِمَا إِنْ كَانَتْ نَجَاسَةً مُخَفَّفَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً - وَهِيَ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ - فَلَا. وَبِهَذَا الطَّرِيقِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ، وَالْقَفَّالُ وَأَصْحَابُهُ. فَلَا يَجُوزُ لُبْسُ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ، لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ بِحَالٍ، وَكَذَا الْكَلْبُ، إِلَّا فِي أَغْرَاضٍ مَخْصُوصَةٍ، فَبَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْلَى. وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالثِّيَابِ النَّجِسَةِ وَلُبْسُهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ فَاجَأَتْهُ حَرْبٌ، أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لِحَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ، وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، جَازَ لُبْسُهُمَا. وَهَلْ يَجُوزُ لُبْسُ جِلْدِ الشَّاةِ الْمَيْتَةِ، وَسَائِرِ الْمَيْتَاتِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: التَّحْرِيمُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُلْبِسَ هَذِهِ الْجُلُودَ فَرَسَهُ وَأَدَاتَهُ،