إِنْ جَحَدَ صَاحِبُهُ الدَّيْنَ وَالرَّهْنَ، وَعَلَى عَكْسِهِ لَوِ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ، وَخَافَ الرَّاهِنُ جَحُودَ الرَّهْنِ لَوِ اعْتَرَفَ بِالدَّيْنِ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَفْصِلُ، فَيَقُولُ: إِنِ ادَّعَيْتَ أَلْفًا لِي عِنْدَكَ بِهِ كَذَا رَهْنًا فَحَتَّى أُجِيبَ، وَإِنِ ادَّعَيْتَ أَلْفًا، فَلَا يَلْزَمُنِي. وَعَلَى الثَّانِي صَارَتِ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ بِالْجُحُودِ، فَلِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَجْحَدَهُ، وَيُجْعَلُ هَذَا بِذَاكَ، وَيَشْتَرِطُ التَّسَاوِي، وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَبِهِ قَطَعَ الْفُورَانِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَفْصِلُ الْجَوَابَ أَبَدًا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِقْرَارًا بِشَيْءٍ مِثْلَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَلْفًا، فَيَقُولُ: إِنِ ادَّعَيْتَ عَنْ ثَمَنِ كَذَا فَحَتَّى أُجِيبَ، وَإِنِ ادَّعَيْتَ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَلَا يَلْزَمُنِي.
فَرْعٌ
ادَّعَتْ عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا صَدَاقًا يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيْهَا، قِيلَ لِلْقَفَّالِ: هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: هَلْ هِيَ زَوْجَتُكَ؟ فَقَالَ: مَا لِلْقَاضِي وَلِهَذَا السُّؤَالُ! لَكِنْ لَوْ سَأَلَ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَضَى عَلَيْهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِكَذَا، فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ.
الثَّالِثَةُ: إِذَا ادَّعَى عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا عَلَى إِنْسَانٍ، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَيْسَ هُوَ لِي، نُظِرَ، أَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ أَمْ يُضِيفُهُ إِلَى مَجْهُولٍ أَمْ إِلَى مَعْلُومٍ؟ فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، أَوْ أَضَافَهُ إِلَى مَجْهُولٍ بِأَنْ قَالَ: هُوَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ، أَوْ أُسَمِّيهِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهُمَا: يُسَلَّمُ الْمَالُ إِلَى الْمُدَّعِي، إِذْ لَا مُزَاحِمَ لَهُ، وَالثَّانِي: تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ، وَيَنْتَزِعُ الْحَاكِمُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ، أَخَذَهُ، وَإِلَّا حَفِظَهُ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ مَالِكُهُ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا يَنْصَرِفُ، وَلَا يُنْتَزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِمُعَيَّنٍ قُبِلَ، وَانْصَرَفَتِ الْخُصُومَةُ إِلَى ذَلِكَ