كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

فِيهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَدُورُ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:

الدَّعْوَى وَجَوَابُهَا، وَالْيَمِينُ، وَالْبَيِّنَةُ وَالنُّكُولُ، فَهَذِهِ خَمْسَةٌ، وَالسَّادِسُ فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْأُصُولِ، وَالسَّابِعُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ، وَإِلْحَاقِ الْقَائِفِ.

الْأَوَّلُ فِي الدَّعْوَى، وَفِيهِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا فِي أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مَتَى يَحْتَاجُ إِلَى الْمُرَافَعَةِ وَالدَّعْوَى، كَالْحَقِّ إِذَا كَانَ عُقُوبَةً كَالْقَصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، اشْتُرِطَ رَفْعُهُ إِلَى الْقَاضِي، لِعِظَمِ خَطَرِهِ، وَإِنْ كَانَ مَالًا، فَهُوَ عَيْنٌ، أَوْ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى اسْتِرْدَادِهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِ فِتْنَةٍ أُشْغِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنَ الرَّفْعِ.

وَأَمَّا الدَّيْنُ فَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ مُقِرًّا غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنَ الْأَدَاءِ طَالَبَهُ لِيُؤَدِّيَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي تَعْيِينِ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إِلَى مَنْ عَلَيْهِ، فَإِنْ خَالَفَ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ، فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ وَجَبَ ضَمَانُهُ، فَإِنِ اتَّفَقَا جَاءَ خِلَافَ التَّقَاصِّ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يُمْكِنَ تَحْصِيلٌ مِنْهُ بِالْقَاضِي، وَإِمَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ كَانَ مُنْكِرًا، وَلَا بَيِّنَةَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ جِنْسَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ إِنْ ظَفَرَ بِهِ، وَلَا يَأْخُذَ غَيْرَ الْجِنْسِ مَعَ ظَفْرِهِ بِالْجِنْسِ، وَفِي «التَّهْذِيبِ» وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَّا غَيْرَ الْجِنْسِ، جَازَ الْأَخْذُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.

وَقِيلَ: قَوْلَانِ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْحَقِّ بِالْقَاضِي بِأَنْ كَانَ مُقِرًّا مُمَاطِلًا، أَوْ مُنْكِرًا عَلَيْهِ وَلَهُ بَيِّنَةٌ، أَوْ كَانَ يَرْجُو إِقْرَارَهُ لَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015