يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ نِصْفَهُ، كَمَا فِي غَيْرِ التَّفْوِيضِ، وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ يَغْرَمَانِ الْمُتْعَةَ الَّتِي غَرِمَهَا الزَّوْجُ وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، ثُمَّ رَجَعَا، فَلَا غُرْمَ إِذَا لَمْ يَفُوتَا شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْ حَتَّى انْقَضَّتِ الْعِدَّةُ، الْتَحَقَ بِالْبَائِنِ، وَوَجَبَ الْغُرْمُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: لَا لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الرِّجْعَةِ، وَأَطْلَقَ ابْنُ كَجٍّ فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ بِالرُّجُوعِ عَنْ شَهَادَةِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَجْهَيْنِ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْغُرْمَ فِي الْحَالِ، فَغَرِمُوا، ثُمَّ رَاجَعَهَا الزَّوْجُ، فَهَلْ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ، فِيهِ احْتِمَالَانِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِالرَّدِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ شَهِدَ بِطَلَاقٍ، وَقَضَى بِهِ، ثُمَّ رَجَعَا، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ رَضَاعٌ مُحَرَّمٌ، أَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا الْيَوْمَ، وَرَجَعَا، ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَمْسِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، إِذْ لَمْ يَفُوتَا، فَإِنْ غَرِمَا قَبْلَ الْبَيِّنَةِ اسْتَرَدَّا، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهَا زَوْجَةُ فُلَانٍ بِأَلْفٍ، وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا الْقَاضِي، ثُمَّ رَجَعَا، قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا غُرْمَ، وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: إِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ غَرِمَا مَا نَقَصَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إِنْ كَانَ الْأَلْفُ دُونَهُ، قَالَ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَا مَا نَقَصَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَطْلَقَهُ ابْنُ كَجٍّ.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِأَلْفٍ، وَمَهْرُهَا أَلْفَانِ، فَقَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَالْبَغَوِيُّ: عَلَيْهِمَا أَلْفٌ وَقَدْ وَصَلَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَرْأَةِ أَلْفٌ، وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: عَلَيْهِمَا مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَنِصْفُهُ قَبْلَهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرَا عِوَضًا، وَأَمَّا الْأَلْفُ، فَهُوَ مَحْفُوظٌ عِنْدَهُ لِلْمَرْأَةِ، لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ، فَهُوَ فِي يَدِهَا.