بَعْدَمَا وُلِدَ وَلَدٌ لَهُ، فَالْقِلَّةُ الْمَوْقُوفَةُ لِوَرَثَتِهِ إِذَا حَلَفُوا، وَيُوقَفُ لِوَلَدِهِ مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِهِ رُبُعُ الْغَلَّةِ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعُونَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلًا، فَإِنْ نَكَلُوا عَنِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، فَلِمَنْ حَدَّثَ بَعْدَهُمْ أَيَحْلِفُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ الْأَوَّلِينَ بِتَلَقِّي الْوَقْفِ مِنَ الْوَاقِفِ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ، أَخَذَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ، وَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مَا كَانَ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ
هِيَ مَقْبُولَةٌ فِي غَيْرِ الْعُقُوبَاتِ، كَالْأَمْوَالِ وَالْأَنْكِحَةِ وَالْبَيْعِ، وَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَالْفُسُوخِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَالرَّضَاعِ، وَالْوِلَادَةِ، وَعُيُوبِ النِّسَاءِ سَوَاءٌ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، كَالزَّكَاةِ وَوَقْفِ الْمَسَاجِدِ، وَالْجِهَاتِ الْعَامَّةِ.
وَأَمَّا الْعُقُوبَاتُ، فَالْمَذْهَبُ الْقَبُولُ فِي الْقِصَاصِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْمَنْعِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: وَالْإِحْصَانُ كَالْحَدِّ. وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَيْنِ أَنَّ الْحَاكِمَ حَدَّ فُلَانًا، قُبِلَتْ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَإِنَّهُ إِسْقَاطُ حَدٍّ عَنْهُ، ثُمَّ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ:
(الْأَوَّلُ) فِي تَحَمُّلِهَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّحَمُّلُ إِذَا عَلِمَ أَنَّ عِنْدَ الْأَصْلِ شَهَادَةً جَازِمَةً بِحَقٍّ ثَابِتٍ، وَلِمَعْرِفَتِهِ أَسْبَابٌ، أَحَدُهَا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ الْأَصْلُ، فَيَقُولُ: أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا، وَأَشْهَدْتُكَ عَلَى شَهَادَتِي، أَوْ يَقُولُ: أُشْهِدُكَ أَوِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا، أَوْ يَقُولُ: إِذَا اسْتُشْهِدْتَ عَلَى شَهَادَتِي، فَقَدْ أَذِنْتُ لَكَ فِي أَنْ تَشْهَدَ، أَمَّا إِذَا سَمِعَ إِنْسَانًا يَقُولُ: لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا، أَوِ اشْهَدْ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا، لَا عَلَى صُورَةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ يَتَسَاهَلُونَ فِي إِطْلَاقِ ذَلِكَ