فَرْعٌ
الثَّمَرَةُ وَالْغَلَّةُ الْحَادِثَانِ بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَقَبْلَ التَّعْدِيلِ تَكُونُ لِلْمُدَّعِي وَبَيْنَ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ وَ (شَهَادَةِ) الثَّانِي لَا يَكُونُ لِلْمُدَّعِي إِلَّا إِذَا أَرَّخَ الثَّانِي مَا شَهِدَ بِهِ بِيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوَّلًا أَوْ بِمَا قَبْلَهُ، فَإِنِ اسْتَخْدَمَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ الْمُدَّعِيَ لِلْعِتْقِ بَيْنَ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى قَوْلِنَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا وَشَهِدَ الثَّانِي هَكَذَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَنَدِ عِلْمِ الشَّاهِدِ، وَحُكْمِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا.
فِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ.
الْأَوَّلُ: فِيمَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِبْصَارِ، وَالْأَصْلُ فِي الشَّهَادَةِ الْبِنَاءُ عَلَى الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ، لَكِنْ مِنَ الْحُقُوقِ مَا لَا يَحْصُلُ الْيَقِينُ فِيهِ، فَأُقِيمَ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ فِيهِ مَقَامَ الْيَقِينِ، وَجُوِّزَتِ الشَّهَادَةُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الظَّنِّ كَمَا سَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ قَسَّمَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ الْمَشْهُودَ بِهِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا: مَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْإِبْصَارِ، وَمَوْضِعُ بَيَانِهِ الطَّرَفُ الثَّانِي.
الثَّانِي: مَا يَكْفِي فِيهِ الْإِبْصَارُ وَهُوَ الْأَفْعَالُ، كَالزِّنَى، وَالشُّرْبِ، وَالْغَصْبِ، وَالْإِتْلَافِ، وَالْوِلَادَةِ، وَالرَّضَاعِ، وَالِاصْطِيَادِ، وَالْأَحْيَاءِ، وَكَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِ الشَّخْصِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الرُّؤْيَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَا وَبِفَاعِلِهَا، فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الشَّهَادَةِ فِيهَا عَلَى السَّمَاعِ مِنَ الْغَيْرِ، وَتُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ الْأَصَمِّ.
الثَّالِثُ: مَا يَحْتَاجُ إِلَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مَعًا، كَالْأَقْوَالِ، فَلَا بُدَّ مِنْ سَمَاعِهَا وَمُشَاهَدَةِ قَائِلِهَا، وَذَلِكَ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ، وَالْبَيْعِ، وَجَمِيعِ الْعُقُودِ، وَالْفُسُوخِ، وَالْإِقْرَارِ بِهَا، فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ الْأَصَمِّ الَّذِي