أَحَدُهُمَا لِيَبْذُلَهُ إِنْ غُلِبَ، وَيُمْسِكَهُ إِنْ غَلَبَ، فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَلَا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَةٌ، لَكِنَّهُ عَقَدَ مُسَابَقَةً عَلَى غَيْرِ آلَةِ قِتَالٍ، فَلَا يَصِحُّ. وَلَوْ لَمْ تَخْرُجِ الصَّلَاةُ عَنِ الْوَقْتِ عَمْدًا، لَكِنْ شَغَلَهُ اللَّعِبُ بِهِ حَتَّى خَرَجَ وَهُوَ غَافِلٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ذَلِكَ مِنْهُ، لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ كَثُرَ مِنْهُ، فُسِّقَ، وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا تَرَكَهَا نَاسِيًا مِرَارًا؛ لِأَنَّهُ هُنَا شَغَلَ نَفْسَهُ بِمَا فَاتَتْ بِهِ الصَّلَاةُ هَكَذَا ذَكَرُوهُ، وَفِيهِ إِشْكَالٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْصِيةِ الْغَافِلِ اللَّاهِي، ثُمَّ قِيَاسُهُ الطَّرْدُ فِي شَغْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِهِ مِنَ الْمُبَاحَاتِ، وَأَشَارَ الرُّويَانِيُّ إِلَى وَجْهٍ أَنَّهُ يُفَسَّقُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، وَفِي «الْمُهَذَّبِ» اشْتِرَاطُ التَّكَرُّرِ فِي إِخْرَاجِهَا عَنِ الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا وَهُوَ خِلَافُ مَا سَبَقَ أَنَّ إِخْرَاجَ الْفَرِيضَةِ عَنِ الْوَقْتِ عَمْدًا كَبِيرَةٌ.
وَأَمَّا اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ فَفِي وَجْهٍ مَكْرُوهٌ وَالصَّحِيحُ تَحْرِيمُهُ، فَعَلَى هَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: هُوَ صَغِيرَةٌ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ، قَالَ فِي «الْأُمِّ» وَأَكْرَهَ اللَّعِبَ بِالْحَزَّةِ وَالْقَرَقَ، فَالْحَزَّةُ: قِطَعُ خَشَبٍ يُحْفَرُ فِيهَا حُفَرٌ فِي ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ يُجْعَلُ فِيهَا حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا وَقَدْ تُسَمَّى الْأَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَالْقَرَقُ: أَنْ يُخَطَّ فِي الْأَرْضِ خَطٌّ مُرَبَّعٌ، وَيُجْعَلُ فِي وَسَطِهِ خَطَّانِ كَالصَّلِيبِ، وَيُجْعَلُ عَلَى رُءُوسِ الْخُطُوطِ حَصًى صِغَارٌ يُلْعَبُ بِهَا. وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ رَأَيْتُهَا بِخَطِّ الرُّويَانِيِّ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ، وَضَبَطَهَا بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ، قَالَ فِي «الشَّامِلِ» اللَّعِبُ بِهِمَا كَالنَّرْدِ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ كَالشِّطْرَنْجِ.
فَرْعٌ
اتِّخَاذُ الْحَمَامِ لِلْفَرْخِ وَالْبَيْضِ، أَوِ الْأُنْسِ، أَوْ حَمْلُ الْكُتُبِ جَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَأَمَّا اللَّعِبُ بِهَا بِالتَّطْيِيرِ وَالْمُسَابَقَةِ، فَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ،