كِتَابُ الْقِسْمَةِ

قَدْ يَتَوَلَّاهَا الشُّرَكَاءُ بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ مَنْصُوبٌ لِلْقَاضِي أَوْ لَهُمْ، وَيُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِ الْقَاضِي الْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ، وَالتَّكْلِيفُ وَالذُّكُورَةُ، وَالْعِلْمُ بِالْمِسَاحَةِ وَالْحِسَابِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ لِلتَّقْوِيمِ؟ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّ فِي أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ لَهُمْ، كَذَا أَطْلَقُوهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي تَوْكِيلِ الْعَبْدِ فِي الْقِسْمَةِ الْخِلَافُ فِي تَوْكِيلِهِ فِي الْبَيْعِ.

وَلَوْ حَكَّمَ الشُّرَكَاءُ رَجُلًا لِيَقْسِمَ بَيْنَهُمْ، فَهُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي التَّحْكِيمِ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، فَهُوَ كَمَنْصُوبِ الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ فِي سَهْمِ الْمَصَالِحِ مَالٌ يَتَفَرَّعُ لِمُؤْنَةِ الْقَاسِمِينَ، لَزِمَ الْإِمَامُ أَنْ يَنْصُبَ فِي كُلِّ بَلَدٍ قَاسِمًا، فَإِنْ لَمْ تَحْصُلِ الْكِفَايَةُ بِوَاحِدٍ، زَادَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَإِلَّا فَلَا يُعَيِّنُ قَاسِمًا لِئَلَّا يُغَالِيَ فِي الْأُجْرَةِ، وَلِئَلَّا يُوَاطِئَهُ بَعْضُهُمْ، فَيَحِيفَ، بَلْ يَدَعُ النَّاسَ لِيَسْتَأْجِرُوا مَنْ شَاءُوا، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ فِي الْقِسْمَةِ تَقْوِيمٌ، كَفَى قَاسِمٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ قَوْلَانِ ثَانِيهُمَا يُشْتَرَطُ اثْنَانِ، وَإِنْ كَانَ تَقْوِيمٌ، اشْتُرِطَ اثْنَانِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَنْصُبَ قَاسِمًا، لِجَعْلِهِ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ، وَيَعْتَمِدُ فِي التَّقْوِيمِ عَدْلَيْنِ، وَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِمَعْرِفَتِهِ فِي التَّقْوِيمِ؟ قَوْلَانِ، كَقَضَائِهِ بِعِلْمِهِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ تَخْمِينٌ مُجَرَّدٌ، وَلَوْ فَوَّضَ الشُّرَكَاءُ الْقِسْمَةَ إِلَى وَاحِدٍ بِالتَّرَاضِي، جَازَ قَطْعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015