فِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ:
الْأَوَّلُ: فِي التَّوْلِيَةِ وَفِيهِ طَرَفَانِ: الْأَوَّلُ: فِي التَّوْلِيَةِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: الْقَضَاءُ وَالْإِمَامَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ قَامَ بِهِ مَنْ يَصْلُحُ، سَقَطَ الْفَرْضُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِنْ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ، أَثِمُوا، وَأَجْبَرَ الْإِمَامُ أَحَدَهُمْ عَلَى الْقَضَاءِ، وَقِيلَ: لَا يُجْبَرُ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ، ثُمَّ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ تَحْرُمُ تَوْلِيَتُهُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّوَلِّي وَالطَّلَبُ، وَأَمَّا مَنْ يَصْلُحُ، فَلَهُ حَالَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَعَيَّنَ لِلْقَضَاءِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَطْلُبَهُ وَيُشْهِرَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ إِنْ كَانَ خَامِلًا، وَلَا يُعْذَرُ بِأَنْ يَخَافَ مَيْلَ نَفْسِهِ وَخِيَانَتَهَا، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقْبَلَ وَيَحْتَرِزَ، فَإِنِ امْتَنَعَ، عَصَا، وَهَلْ يُجْبَرُ؟ وَجْهَانِ الصَّحِيحُ نَعَمْ، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ، كَمَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِسَائِرِ فَرُوضِ الْكِفَايَةِ عِنْدَ التَّعَيُّنِ، فَإِنْ قِيلَ: امْتِنَاعُهُ مِنْ هَذَا الْوَاجِبِ الْمُتَعَيِّنِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً، فَيَفْسُقُ بِهِ، وَيَخْرُجُ عَنِ الْأَهْلِيَّةِ، فَكَيْفَ يُوَلَّى وَيُجْبَرُ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ أَوَّلًا، فَإِذَا تَابَ، وُلِّي.
قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَا يَفْسُقُ، لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ غَالِبًا إِلَّا مُتَأَوِّلًا، وَهَذَا لَيْسَ بِعَاصٍ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ، فَذَلِكَ الْغَيْرُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلَحَ، وَأَوْلَى مِنْهُ، وَإِمَّا مِثْلَهُ، وَإِمَّا دُونَهُ فَإِنْ كَانَ أَصْلَحَ مِنْهُ، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى هَلْ تَنْعَقِدُ لِلْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ، وَفِيهِ خِلَافٌ لِلْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَالْأَصَحُّ الِانْعِقَادُ، لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ خَارِجَةٌ عَنْ شَرْطِ الْإِمَامَةِ. وَفِي الْقَضَاءِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ، وَأَوْلَى