اعْتِبَارِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَجْهَانِ، قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِ الزَّمَنِ الَّذِي اشْتَغَلَ بِالرَّمْيِ فِيهِ، وَأَصَحُّهُمَا: قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ: يَجِبُ مَا يَتَسَابَقُ بِمِثْلِهِ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُسَابَقَةِ غَالِبًا.
الْبَابُ الثَّانِي فِي الرَّمْيِ
فِيهِ طَرَفَانِ: الْأَوَّلُ: فِي شُرُوطِهِ، وَهِيَ سِتَّةٌ، أَحَدُهَا: الْمُحَلِّلُ، فَمَالُ الْمُنَاضَلَةِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمُسَابَقَةِ، وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَهُ غَيْرُ الْمُتَنَاضِلَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، وَصُورَةُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ: ارْمِيَا عَشَرَةً، فَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا كَذَا، فَلَهُ كَذَا، وَصُورَةُ الْقِسْمِ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا: نَرْمِي كَذَا، فَإِنْ أَصَبْتَ أَنْتَ مِنْهَا كَذَا، فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وَإِنْ أَصَبْتَهَا أَنَا، فَلَا شَيْءَ لِأَحَدِنَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَصُورَةُ الثَّالِثِ: أَنْ يَشْرُطَ كُلُّ وَاحِدٍ الْمَالَ عَلَى صَاحِبِهِ إِنْ أَصَابَ، وَهَذَا الثَّالِثُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِمُحَلِّلٍ مَعَهُمَا كَمَا سَبَقَ.
وَكَمَا تَجُوزُ الْمُنَاضَلَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَجُوزُ بَيْنَ حِزْبَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَحِينَئِذٍ، فَكُلُّ حِزْبٍ كَشَخْصٍ، فَإِنْ أَخْرَجَ الْمَالَ أَحَدُ الْحِزْبَيْنِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، جَازَ، وَإِنْ أَخْرَجَاهُ اشْتُرِطَ مُحَلِّلٌ، إِمَّا وَاحِدٌ وَإِمَّا حِزْبٌ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ الْحِزْبَانِ، وَشَرَطُوا لِوَاحِدٍ مِنْ أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ إِنْ كَانَ الْفَوْزُ لِحِزْبِهِ، شَارَكَهُمْ فِي أَخْذِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ لِلْحِزْبِ الْآخَرِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى ذَلِكَ الْوَاحِدِ إِنَّمَا يَغْرَمُ أَصْحَابُهُ، أَوِ اشْتَمَلَ كُلُّ حِزْبٍ عَلَى مُحَلِّلٍ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا: لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ مَنْ إِذَا فَازَ، اسْتَبَدَّ بِالْمَالِ، وَهَذَا يُشَارِكُ أَصْحَابَهُ، وَالثَّانِي: الصِّحَّةُ، وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، وَلَوْ شَرَطَ كُلُّ حِزْبٍ كُلَّ الْمَالِ لِمُحَلِّلِهِمْ، بَطَلَ قَطْعًا، لِأَنَّهُ يَكُونُ فَائِزًا لِغَيْرِهِ.