كَانَ يَسْكُنُ بَلَدَيْنِ، فَالِاخْتِيَارُ لِلْإِمَامِ، وَفِي هَذَا مَا يُنَازَعُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِأَوَّلِ بِلَادِ الْكُفْرِ، وَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةٌ يَخَافُ بِسَبَبِهَا مِنْهُمْ نَبْذَ الْعَهْدِ، وَلَا اعْتِبَارَ الْوَهْمِ الْمَحْضَ، حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ نَصِّهِ فِي «الْأُمِّ» . فَرْعٌ
إِذَا هَادَنَ الْإِمَامُ مُدَّةً لِضَعْفٍ وَخَوْفٍ اقْتَضَاهَا، ثُمَّ زَالَ الْخَوْفُ وَقَوِيَ الْمُسْلِمُونَ، وَجَبَ الْوَفَاءُ بِمَا جَرَى.
فَرْعٌ
قَالَ فِي «الْحَاوِي» : يَجِبُ عَلَى الَّذِينَ هَادَنَهُمُ الْإِمَامُ الْكَفُّ عَنْ قَبِيحِ الْقَوْلِ وَالْعَمَل فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، وَبَذْلُ الْجَمِيلِ مِنْهُمَا، فَلَوْ كَانُوا يُكْرِمُونَ الْمُسْلِمِينَ، فَصَارُوا يُهِينُونَهُمْ، أَوْ يُضِيفُونَ النَّزِيلَ وَيَصِلُونَهُمْ، فَصَارُوا يَقْطَعُونَهُمْ، أَوْ يُعَظِّمُونَ كِتَابَ الْإِمَامِ، فَصَارُوا يَسْتَخِفُّونَ بِهِ، أَوْ نَقَصُوا عَمَّا كَانُوا يُخَاطَبُونَ بِهِ، سَأَلَهُمُ الْإِمَامُ عَنْ سَبَبِ فِعْلِهِمْ، فَإِنِ اعْتَذَرُوا بِمَا يَجُوزُ قَبُولُ مِثْلِهِ، قَبِلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا عُذْرًا، أَمَرَهُمْ بِالرُّجُوعِ إِلَى عَادَتِهِمْ، فَإِنِ امْتَنَعُوا، أَعْلَمَهُمْ بِنَقْضِ الْهُدْنَةِ وَنَقَضَهَا.
إِذَا شَرَطَ رَدَّ الْمَرْأَةِ إِذَا جَاءَتْنَا مِنْهُمْ مُسْلِمَةً، لَمْ يَجُزْ بِحَالٍ، وَشَرْطُ رَدِّ الرَّجُلِ إِذَا هَاجَرَ مُسْلِمًا جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُصِيبَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ، أَوْ أَنْ تُزَوَّجَ كَافِرًا، وَلِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنِ الْهَرَبِ وَأَقْرَبُ إِلَى الِافْتِتَانِ، فَإِذَا عَقَدَ الْإِمَامُ هُدْنَةً، فَإِمَّا أَنْ يَشْرُطَ أَنْ لَا يَرُدَّ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا، أَوْ يُطْلِقَ، أَوْ يَشْرُطَ الرَّدَّ، فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَرُدَّ، فَلَا رَدَّ وَلَا غُرْمَ، وَكَذَا لَوْ خَصَّ النِّسَاءَ، يُمْنَعُ الرَّدُّ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَهَلْ يَغْرَمُ الْإِمَامُ