بِالْمُفَادَاةِ، وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَبِلَ الْحُكْمَ، حُقِنَ دَمُهُ وَمَالُهُ، وَلَمْ يَجُزِ اسْتِرْقَاقُهُ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ، وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْقَتْلِ، امْتَنَعَ قَتْلُهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْ حَكَمَ بِقَتْلِ الرِّجَالِ وَسَبْيِ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ، لَمْ يَنْدَفِعْ بِإِسْلَامِ الرِّجَالِ إِلَّا قَتْلُهُمْ، وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْمَحْكُومِ بِقَتْلِهِ إِذَا أَسْلَمَ؟ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْزِلُوا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَيُطْلِقُهُمْ، وَلَا يُفَادِيهِمْ بِمَالٍ، وَيَجِيءُ عَلَى تَجْوِيزِ اسْتِرْقَاقِهِ لَوْ لَمْ يُسْلِمْ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَيْضًا، وَلَوْ حَكَمَ بِالْإِرْقَاقِ، فَأَسْلَمَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِرْقَاقِ جَازَ إِرْقَاقُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ.
فَرْعٌ
حَاصَرْنَا قَلْعَةً، فَصَالَحَ زَعِيمُهَا عَلَى أَمَانِ مِائَةِ شَخْصٍ مِنْهُمْ، صَحَّ لِلْحَاجَةِ، وَيُعَيِّنُ الزَّعِيمُ مِائَةً، فَإِنْ عَدَّ مِائَةً وَأَغْفَلَ نَفْسَهُ، جَازَ قَتْلُهُ.
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ السَّيْرِ
إِذَا أَسْلَمَ كَافِرٌ وَقَدْ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ، فَفِي سُقُوطِهَا عَنْهُ وَجْهَانِ، نَقَلَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، كَالدَّيْنِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا ضَعِيفٌ هَادِمٌ لِلْقَوَاعِدِ.
قُلْتُ: وَلَوْ وَجَبَ عَلَى ذِمِّيٍّ حَدُّ زِنَى فَأَسْلَمَ، نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي «الْإِشْرَافِ» عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ، وَحَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا، وَرِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَسْقُطُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوِ اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَمْلِكُوهَا سَوَاءً