أَمْ ضَمَانَ الْيَدِ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ، كَالصَّدَاقِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَبْعُدُ عِنْدِي الْقَطْعُ بِأَنَّ الْجَعْلَ يُضْمَنُ ضَمَانَ الْعَقْدِ، لِأَنَّهُ رُكْنٌ فِي الْجَعَالَةِ وَلَيْسَ الصَّدَاقُ رُكْنًا فِي النِّكَاحِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَامْتِنَاعِ الْجَاعِلِ مِنَ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ قُلْنَا بِضَمَانِ الْيَدِ، فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ، وَإِنْ قُلْنَا: ضَمَانُ الْعَقْدِ، فَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: التَّلَفُ بَعْدَ الِامْتِنَاعِ كَإِتْلَافِ الْجَاعِلِ، فَيَكُونُ فِي قَوْلٍ: كَتَلَفِهِ بِآفَةٍ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ: كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، فَيَتَخَيَّرُ الْعَامِلُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَارَةِ إِذَا عَرَفْتَ الْمُقَدِّمَةَ، فَبَدَلُ الْجَارِيَةِ حَيْثُ حَكَمْنَا بِهِ هُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إِنْ قُلْنَا بِضَمَانِ الْعَقْدِ، وَقِيمَتُهَا إِنْ قُلْنَا بِضَمَانِ الْيَدِ، هَكَذَا قَالَ الْإِمَامُ، وَلَكِنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ قَوْلَيِ الصَّدَاقِ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْمَوْجُودُ لِجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ هُنَا قِيمَةُ الْجَارِيَةِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إِذَا كَانَتْ جَارِيَةً مُعَيَّنَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً وَمَاتَ كُلُّ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجَوَارِي، وَأَوْجَبْنَا الْبَدَلَ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ قَطْعًا، لِتَعَذُّرِ تَقْوِيمِ الْمَجْهُولِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: تُسَلَّمُ إِلَيْهِ قِيمَةُ مَنْ تَسَلُّمُ إِلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، ثُمَّ الْبَدَلُ الْوَاجِبُ هَلْ يَجِبُ فِي مَالِ الْمَصَالَحِ أَمْ فِي أَصْلِ الْغَنِيمَةِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّضْخِ.
فَرْعٌ
إِذَا شَرَطَ جَارِيَةً مُبْهَمَةً وَلَمْ يُوجَدْ إِلَّا جَارِيَةٌ، سُلِّمَتْ إِلَيْهِ، وَإِنْ وُجِدَ جَوَارٍ، فَلِلْإِمَامِ التَّعْيِينُ، وَيُجْبَرُ الْعِلْجُ عَلَى الْقَبُولِ، لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ جَارِيَةٌ وَهَذِهِ جَارِيَةٌ، كَمَا أَنَّ لِلْمُسْلِمِ إِلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ مَا شَاءَ بِالصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ، وَيُجْبُرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْقَبُولِ، وَلَوْ شَرَطَ جَارِيَةً مُعَيَّنَةً، فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا سِوَى تِلْكَ الْجَارِيَةِ، فَهَلْ تُسَلَّمُ إِلَيْهِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَفَاءً بِالشَّرْطِ، وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّ سَعْيَنَا حِينَئِذٍ يَكُونُ لِلْعِلْجِ خَاصَّةً،