كَمَا يُحْتَمَلُ التَّأْيِيدُ، وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، بَلِ الْإِمَامُ يَصْرِفُهَا وَأَثْمَانَهَا إِلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا حَدُّ السَّوَادِ، فَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ مِنْ عَبَّادَانَ إِلَى حَدِيثَةِ الْمَوْصِلِ طُولًا، وَمِنْ عَذِيبِ الْقَادِسِيَّةِ إِلَى حُلْوَانَ عَرْضًا، وَهُوَ بِالْفَرَاسِخِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ فَرْسَخًا طُولًا، وَثَمَانُونَ عَرْضًا، وَفِي هَذَا الْإِطْلَاقِ تَسَاهُلٌ لِمَا قَدْ عُلِمَ أَنَّ أَرْضَ الْبَصْرَةِ كَانَتْ سَبِخَةً أَحْيَاهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِي وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بَعْدَ فَتْحِ الْعِرَاقِ، وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي هَذَا الْحَدِّ وَلَا بُدَّ مِنَ اسْتِثْنَائِهَا، وَقَدْ أَطْلَقَ الْبَغَوِيُّ أَنَّ الْبَصْرَةَ لَا تَدْخُلُ فِي حُكْمِ السَّوَادِ وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي حَدِّهِ، وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : حَضَرْتُ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَهُوَ يُدَرِّسُ فِي تَحْدِيدِ السَّوَادِ فَأَدْخَلَ فِيهِ الْبَصْرَةَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ وَقَالَ: هَكَذَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: لَا إِنَّمَا كَانَتْ مَوَاتًا أَحْيَاهَا الْمُسْلِمُونَ، فَأَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَقَالَ: عَلِّقُوا مَا يَقُولُ، فَإِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ أَعْرَفُ بِهَا، وَلَكِنْ فِي إِطْلَاقِ اسْتِثْنَاءِ الْبَصْرَةِ تَسَاهُلٌ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ مَا أَوْرَدَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْبَصْرَةَ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ السَّوَادِ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ مِنْ شَرْقِيِّ دِجْلَتِهَا يُسَمَّى الْفُرَاتَ، وَمَوْضِعٍ مِنْ غَرْبِيِّ دِجْلَتِهَا يُسَمَّى نَهْرَ الصَّرَاةِ.
فَرْعٌ
مَا يُؤْخَذُ مِنْ خَرَاجِ هَذِهِ الْأَرْضِ يَصْرِفُهُ الْإِمَامُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الْأَهَمَّ فَالْأَهَمَّ، وَيَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْرُ الْخَرَاجِ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى كُلِّ جَرِيبِ شَعِيرٍ دِرْهَمَانِ، وَجَرِيبِ الْحِنْطَةِ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَجَرِيبِ الشَّجَرِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ سِتَّةٌ، وَالنَّخْلِ ثَمَانِيَةٌ، وَالْكَرْمِ عَشَرَةٌ، وَقِيلَ: النَّخْلُ عَشَرَةٌ، وَالزَّيْتُونُ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا.