فَالْمَذْهَبُ مَنْعُ الْعِتْقِ فِي الْحَالِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ، وَاخْتَارَ تَمَلُّكَهُ، أَوْ وَقَعَ بَعْضُهُ وَاخْتَارَهُ، عَتَقَ عَلَيْهِ وَنُظِرَ إِلَى يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ فِي تَقْوِيمِ الْبَاقِي، وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : إِنِ انْحَصَرُوا، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْغَنِيمَةِ غَيْرُ قَرِيبِهِ، مَلَكَ حِصَّتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرِ التَّمَلُّكَ، وَعَلَى هَذَا لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي، لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلَوْ أَعْتَقَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ عَبْدًا مِنْهَا، فَفِي ثُبُوتِ الْعِتْقِ فِي الْحَالِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ عِتْقِ الْقَرِيبِ، كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي: لَا يُعْتَقُ بِحَالٍ بِخِلَافِ عِتْقِ الْقَرِيبِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِلَا اخْتِيَارٍ وَهُوَ أَقْوَى مِمَّا يَثْبُتُ بِاخْتِيَارٍ، وَلِهَذَا يُعْتَقُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ إِذَا مَلَكَهُ، وَلَوْ أَعْتَقَ، لَمْ يُنَفَّذْ.
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ الْغَانِمُونَ طَائِفَةً يَسِيرَةً، وَوَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، لَمْ يَتَوَقَّفِ الْعِتْقُ إِلَّا عَلَى اخْتِيَارِهِمُ التَّمَلُّكَ، وَيَجِيءُ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى الِاخْتِيَارِ، وَإِذَا اخْتَارُوا جَمِيعًا، لَمْ يُفْرَضْ فِيهِ تَقْدِيمُ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ.
فَرْعٌ
دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ مُنْفَرِدًا، وَأَسَرَ أَبَاهُ، أَوِ ابْنَهُ الْبَالِغَ، لَمْ يُعْتَقْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ الْأَسْرِ، فَإِنِ اخْتَارَ الْإِمَامُ قَتْلَهُ أَوِ الْمَنَّ أَوِ الْفِدَاءَ، فَذَاكَ، وَإِنِ اخْتَارَ تَمَلُّكَهُ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْآسِرُ التَّمَلُّكَ، لَمْ يُعْتَقْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنِ اخْتَارَ، صَارَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَيُقَوَّمُ الْخُمُسُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَلَوْ أَسَرَ أُمَّهُ، أَوْ بِنْتَهُ الْبَالِغَةَ، رَقَّتْ بِنَفْسِ الْأَسْرِ، فَإِذَا اخْتَارَ الْآسِرُ التَّمَلُّكَ، كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرْنَا، وَأَلْحَقَ ابْنُ الْحَدَّادِ الِابْنَ الصَّغِيرَ بِالْأُمِّ، وَهُوَ هَفْوَةٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ الصَّغِيرُ فِي الْإِسْلَامِ،