التَّبَسُّطُ فِي الْأَطْعِمَةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ مَظِنَّةُ الْحَاجَّةِ وَعِزَّةُ الطَّعَامِ هُنَاكَ، وَمَنْ دَخَلَ مِنَ الْغَانِمِينَ دَارَ الْإِسْلَامِ وَقَدْ فَضَلَ مِمَّا أَخَذَهُ شَيْءٌ، فَفِي وُجُوبِ رَدِّهِ إِلَى الْمَغْنَمِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا: يَجِبُ، لِزَوَالِ الْحَاجَةِ وَالْمَأْخُوذُ مُتَعَلِّقُ حَقِّ الْجَمِيعِ، وَالثَّانِي: لَا، لِإِبَاحَةِ الْأَخْذِ، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يُبَالَى بِهِ، كَكِسَرِ الْخُبْزِ وَبَقِيَّةِ التِّبْنِ فِي الْمَخَالِي، لَمْ يَرُدَّ، وَإِلَّا فَيَرُدُّ، وَمَتَى وَجَبَ الرَّدُّ، فَإِنْ لَمْ تُقَسَّمِ الْغَنِيمَةُ، رَدَّهُ إِلَى الْمَغْنَمِ، وَإِنْ قُسِّمَتْ، رَدَّهُ إِلَى الْإِمَامِ، فَإِنْ أَمْكَنَ قِسْمَتُهُ كَمَا قُسِّمَتِ الْغَنِيمَةُ، فَعَلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِنَزَارَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ وَلِتَفَرُّقِ الْغَانِمِينَ، قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: يُجْعَلُ فِي سَهْمِ الْمَصَالِحِ، أَمَّا مَكَانُ الْأَخْذِ وَالتَّبَسُّطِ، فَهُوَ دَارُ الْحَرْبِ، فَإِذَا انْتَهَوْا إِلَى عُمْرَانِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَتَمَكَّنُوا مِنَ الشِّرَاءِ، أَمْسَكُوا، وَلَوْ خَرَجُوا عَنْ دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَنْتَهُوا إِلَى عُمْرَانِ دَارِ الْإِسْلَامِ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: جَوَازُ التَّبَسُّطِ، لِبَقَاءِ الْحَاجَةِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِأَنَّ مَظِنَّةَ الْحَاجَةِ دَارُ الْحَرْبِ فَيُنَاطُ الْحُكْمُ بِهِ وَعَكْسُهُ، وَلَوْ وَجَدُوا سُوقًا فِي دَارِ الْحَرْبِ: وَتَمَكَّنُوا مِنَ الشِّرَاءِ، فَقَدْ طَرَدَ الْغَزَالِيُّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ لِانْعِكَاسِ الدَّلِيلَيْنِ، وَقَطَعَ الْإِمَامُ بِالْجَوَازِ وَقَالَ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مَنَعَ التَّبَسُّطَ بِهَذَا السَّبَبِ، وَنَزَّلُوا دَارَ الْحَرْبِ فِي إِبَاحَةِ الطَّعَامِ مَنْزِلَةَ السَّفَرِ فِي الرُّخَصِ، فَإِنَّهَا وَإِنْ ثَبَتَتْ لِمَشَقَّةِ السَّفَرِ، فَالْمُرَفَّهُ الَّذِي لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ يُشَارِكُ فِيهَا، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِجَمَاعَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ مَعَنَا مُهَادَنَةٌ، وَكَانُوا لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ مُبَايَعَةِ مَنْ يَطْرُقُهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْكَفِّ عَنْ أَطْعِمَةِ الْمَغْنَمِ فِي دَارِهِمْ، لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُضَافَةً إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَهِيَ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ بِمَثَابَةِ دَارِ الْإِسْلَامِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ.

فَرْعٌ

لَيْسَ لِلْغَانِمِ أَنْ يُقْرِضَ مَا أَخَذَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ لِغَيْر الْغَانِمِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015